الصحة النفسية

الرهينة و المماثلة بالمعتدي HOSTAGE & IDENTIFICATION WITH THE AGGRESSOR

الرهينة و المماثلة بالمعتدي HOSTAGE & IDENTIFICATION WITH THE AGGRESSOR

هناك أنواع عدة من الرهائن في الحياة، ولا يقتصر هذا المفهوم  على أنسان بريء يتم احتجازه والمطالبة بفدية مقابل الافراج عنه. هذا النوع من الرهائن نادر جداً، ولكن :

١ هناك رجل يحتجز زوجته٫ ويمنعها من الخروج من البيت بل واحيانا يقرر متى تتصل باهلها واقاربها.

٢ ام تحتجز ابنتها وتحدد جدول اعمالها. هذه الاحتجاز أحيانا يكون على شكل احتجاز نفسي والسيطرة التامة على البنت حتى بعد زواجها وخروجها من البيت.

٣ اب يحتجز أبنائه ويقرر مستقبلهم وقد يقوم بهذا الدور الام احياناً.

٤ امرأة تحتجز شريكها وتفرض سيطرتها عليه.

٥ مؤسسة تحتجز موظفيها مهنيا وتستغلهم وظيفيا واقتصادياً٫ وتقف حاجزا في طريق تطورهم

٦ حكومة تحتجز شعبها في جميع ميادين الحياة بل وحتى احيانا تقيد حرية تنقلهم.

ما يطالبه الخاطف الإرهابي في غاية الوضوح وهو المال مقابل احتمال الافراج عن الرهينة ولكن ما يطالبه من يحتجز بقية أنواع الرهائن من ازواج وأبناء أكثر من ذلك. يطالب بفدية جديدة اسبوعياً، ويطالب بوفاء واخلاص لا نهاية له، واستسلام معنوي لا حدود له، وفوق كل ذلك لا نية له بالإفراج عن رهينته. والأشد من ذلك لا تطالب الرهينة الافراج عنها.

نبذة تاريخية

قبل ما يقارب 45عاماً دخل مجرم من رواد السجون يدعى اولسن بنكاً في استكهولم واحتجز مجموعة من موظفات البنك مطالبا بمال وسلامة هروب وافراج زميل له من السجن. كان مسلحاً برشاشة وتوعد بقتل الرهائن إذا لم تنفذ مطالبه. استمرت الحادثة ستة أيام، وتأخرت الحكومة في اتخاذ موقف حاسمٍ ايامها مع انشغال رئيس الوزراء الراحل اولف بالما بالانتخابات ومرض ملك السويد.

إقرأ أيضا:البكاء

تغير موقف الرهائن بعد يومين من الحادث. يبدوا بانه حاول مساعدة رهينة اصابتها نوبة هلع، ومن شعرت بالبرد جلب لها لحافاً، وبدلا من ان يتوعد قتل من حاولت الهرب انذرها بانه سيطلق رصاصة تصيب قدمها فقط.

تعجب رئيس الشرطة من حالة الرهائن حين اتفق مع الخاطف الكشف عليهن. وبعد انتهاء العملية بغاز مسيل للدموع لم يتوقف مديح الرهائن عن سمو اخلاق من خطفهن. تضاعف عدد المعجبات بهذا المجرم بعد دخوله السجن، وتزوج معجبة به في 1980 وسافر معها الى تايلند ونشر كتابه متلازمة استكهولم عام 2009 رغم ان هذا المصطلح دخل معجم المتلازمات النفسية بعد أسابيع من الحادثة.

مناقشة عامة

اول من تحدث عن متلازمة تشبه متلازمة استكهولم هي آنا فرويد عندما وصفت ظاهرة المماثلة بالمعتدي Identification with an Aggressor. يتعامل الانسان مع الخوف الذي يشعر به بتحويل نفسه من كائن يتم تهديده الى القبول بصفات الكائن الذي يهدده. اعتبرت آنا فرويد المماثلة بالمعتدي الية دفاعية تعطي الانسان شعوراً بالقوة في مواقف حرجة. يمكن القول بان المماثلة بالمعتدي هي الية للبقاء على قيد الحياة Survival Mechanism .

يتفاعل الانسان عاطفياً مع من يتولى رعايته. رد فعل الرضيع والطفل هو رد فعل بدائي Primitive يتميز بتعلق الرضيع والطفل بمن يرعاه ويوفر له الطعام والنوم والحماية من البرد ويحضنه عند الحاجة. هذا يفسر لماذا يسهل استغلال الأطفال وتعلقهم بأم واب لا يحسنون رعايتهم في الكثير من الأوقات. ترى احياناً تعلق هذا الانسان بمن اساء اليه لا يتغير حتى بعد البلوغ وبسبب ذلك يدمره هذا النفور بين تعلقه البدائي به وتمييزه الناضج بعد البلوغ بان من تعلق به كان شريراً.

إقرأ أيضا:كيف أتخلص من عادة الكلام مع نفسي؟

ما حدث بين الرهائن والخاطف في استكهولم ينقل فجأة الانسان الى مرحلة لا يفكر وقتها الا البقاء على قيد الحياة. يتقهقر الانسان ويتراجع تفكيره واستيعابه للحدث وكل خطوة من الخاطف يقدم فيها الماء او يعطف على الرهينة تصبح مكرمة منه. من جراء ذلك تتعلق الرهينة بخاطفها تماما كما يتعلق الطفل بأمه التي تضربه وتعنف به بين الحين والاخر ولكنها احياناً ترضعه وتضمه بالأحضان.

اما في واقع الحياة فان الرهينة في الحياة الزوجية والعائلية والمهنية والقطرية فهي أكثر شيوعاً وتفسر لك أحيانا لماذا لا تقوى الزوجة (او الزوج) من فراق من لا يحسن معاملتها ويعنف بها بين الحين والاخر. كذلك تفسر لك هذه الظاهرة كيف يمدح ويطنب الكثير على من يستغلهم ويقيد حقوقهم وحريتهم ولكنهم مع ذلك لا يتوقفون عن المديح به بسبب مكرمة يقدمها إليهم بين الحين والاخر والتي لا قيمة لها حقاً.

الكثير من رهائن الحياة يعانون من اعراض طبنفسية لا تختلف عن اعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة Post-Traumatic Stress Disorder PTSD.

تتمعن في الحياة وستتكشف بان عدد الرهائن في المجتمع أكثر الاف المرات من عدد الرهائن في حوادث الجريمة.

إقرأ أيضا:وعاء الانسان وعاء الأصدقاء

مصادر

Carver, J.M. (n.d.). Love and Stockholm Syndrome: The mystery of loving an abuser. Counselling Resource. Retrieved from http://counsellingresource.com/lib/therapy/self-help/stockholm.

Fuchs, E. (2013, October 20). Why Stockholm Syndrome could be a total myth. Business Insider. Retrieved from http://www.businessinsider.com/stockholm-syndrome-could-be-a-myth-2013-10.

Patty Hearst kidnapped. (2010). Retrieved from http://www.history.com/this-day-in-history/patty-hearst-kidnapped.

Klein, C. (2013, August 23). The birth of “Stockholm Syndrome,” 40 years ago. History in the Headlines. Retrieved from http://www.history.com/news/stockholm-syndrome.

Sandler, A.M. (1996). The psychoanalytic legacy of Anna Freud. The Psychoanalytic Study of the Child, 51, 270-284

السابق
التنظيم الذاتي
التالي
العنصرية والطائفية والطريق الشائك صوب العدالة