أطفال شوارع مصر
ظاهرة أطفال الشوارع من القضايا التي عانى منها العالم أجمع ، والتي لطالما أرَّقت الحكومات المختلفة، ولكن ما تشهده الدولة المصرية من ارتفاعٍ خطيرٍ في هذه الظاهرة سنةً بعد سنة، ومع تَعاقُب الحكومات المصريَّة ووعودها لحلِّ هذه المُعضِلة، لم يرَ أحدٌ أيَّ تنفيذٍ لهذه الوعود، فتبقى ظاهرة أطفال الشوارع وصمة عارٍ في تاريخ هذه الحكومات.
هذه الظاهرة تُشكِّل خطراً كبيراً على الكثير من الدول؛ لأنّها ذات تأثيرٍ مباشرٍ على الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية، ولذلك نودُّ تسليط الضوء على أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة؛ فتحديد وتشخيص السبب يؤدي إلى إيجاد واكتشاف الحل والعلاج.
أسباب ظاهرة أطفال الشوارع
التَّفكُّك الأُسَري: يكون التَّفكُّك الأُسري من أهم العوامل المؤدِّية إلى حدوث ظاهرة أطفال الشوارع، فمن أشكال هذا التَّفكُّك، (الهجر، والعُنف ضدَّ الأبناء أو من أحد الوالدين للآخر، والطلاق)، فتؤدِّي إلى لجوء الطفل للشارع، فيشعر بأن من هم في الشارع أقرب إليه ممن هم في البيت.
العامل الاقتصادي: تُشكِّل الضغوط الاقتصادية الواقعة على الأسرة إلى الكثير من المشاكل النفسيَّة السلبية لدى الأطفال، فعندما يجدون أنهم لا يستطيعون الحصول على ما يحتاجونه، فمن الممكن أن يلجؤوا إلى أيِّ شخصٍ آخر ليوفر لهم متطلباتهم، وهنا يأتي دور الشارع، فإليه من المؤكد سيلجؤون.
العُنف الأُسري ضدَّ الأبناء: يندرج هذا العامل تحت عامل التَّفكُّك الأُسري، ولكن لأهميته كان من اللازم التفصيل فيه قليلاً على انفراد، حيث إن العُنف الذي يُمارسه أحد الوالدين وخاصةً الأب على أبنائه يؤدي إلى شذوذ الأبناء عن طاعةِ الوالدين، واتخاذ أشخاصٍ آخرين يعتبرونهم أكثر قُرباً واهتماماً و رحمةً بهم من الوالدين، فلذلك يحتضنهم الشارع وتكون النهاية بهم هناك.
العلاقات الجنسية المُحرَّمة: تشير الدراسات إلى أن العلاقات الجنسية المحرَّمة (الزِّنا) من العوامل التي ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، وذلك بسبب لجوء بعض النساء اللاتي يحملن من الزنا إلى التخلُّص من الجنين إما بإجهاضه أثناء الحمل، أو رميه في “الشارع”.
النظام التعليمي وثغراته: تتمثل هذه المشكلة في صعوبة المناهج التعليمية، فتصبح مُعقَّدة لدى الطفل ومستحيلة المنال، والعُنف الزائد أحياناً في المدارس.
التحليل النَّفسي لأطفال الشوارع
يَعتقد مُعظم الناس أنَّ هؤلاء الأطفال مجرمون بالأصل، ولكن هذه أُغلوطة انتشرت في المجتمع وكان من المُفترض أن تتم توعية المجتمع بالنسبة لهذه الاعتقادات، فهؤلاء الأطفال أصبحوا على ما نراهم عليه بسبب الحياة القاسية التي يمرُّون بها، ولكن إذا ما تمَّ إيواؤهم، فإننا سنجد شيئاً آخر في طِباعهم وأخلاقهم، وهنا سنذكر بعض الأمور التي تبيِّن حالتهم النفسية، وكيف يفكرون:
العدوانية: يميل هؤلاء الأطفال إلى العُدوانية؛ وذلك بسبب أن الإحباط النفسي الذي يسيطر عليهم، وبسبب فقدانهم عامل الحُب والحنان الذي يبحثون عنه في الأُسرة.
عدم التمييز بين الخطأ والصواب: وذلك بسبب غياب ربّ الأُسرة الذي من المُفترض أن يرشده إلى الفعل الصحيح والفعل الخاطئ.
انعدام مصطلح المستقبل: لأن حياته تكون في كلِّ يوم ليومه، فتجده ينظر للحياة على مستوى المدى القصير، وكيف يحصل على رزق يومه فقط.
حل مشكلة أطفال الشوارع
عمل دراسةٍ واسعةٍ على الأسباب التي أدَّت إلى هذه الظاهرة ومعالجتها بأساليب نفسيةٍ واجتماعيةٍ واقتصادية.
إنشاء مراكز حكومية تعمل على إيواء هؤلاء الأطفال و تعليمهم وتدريبهم، حتى يستطيعوا الانخراط في المجتمع بشكل طبيعي في المستقبل.
زيادة الوعي الدِّيني لدى المجتمع عن طريق المحاضرات والندوات ووسائل الإعلام، التي تعمل على التَّقليل من هذه الظَّاهرة والتَّحذير من عواقبها الدِّينية والاجتماعية والأمنيَّة والاقتصاديَّة.
إنشاء صندوق حكومي يتولى شؤون الأمهات اللاتي فقدن أزواجهن أو تعرَّضن للاغتصاب، بحيث يعمل هذا الصندوق بتوفير كل الاحتياجات الاقتصادية لدى الأُسر من هذا النوع.
زيادة الوعي لدى الأطفال أنفسهم، وذلك بإدراج التحذير من هذه الظاهرة في المناهج التعليمية، وتبيين مخاطرها وسوء نهايتها، حتى يصبح عند الطفل نوعٌ من الحذر للإقدام على مثل هذه خطوة.