شهد العالم في أوائل القرن العشرين عدداً من التطوّرات السياسيّة والعسكريّة التي أدّت إلى اشتعال الحرب بين الدّول الكبرى التي انضمّت إليها معظم دول العالم، والّتي عرفت بالحرب العالمية الأولى؛ وسمّيت بهذا الاسم لأنّ أكثر دول العالم اشتركت بها بشكل مباشر أو غير مباشر.
أسباب الحرب العالمية الاولى
جرت الحرب العالمية الأولى بين عدّة دول أوروبيّة؛ فكانت نهايتها موت الملايين من البشريّة، ونتيجةً لهذه الحرب انتهت العديد من الملكيّات والارستقراطيّات الأوروبيّة.
ومن الأسباب الرئيسيّة لقيام الحرب العالميّة الأولى:
نمو النزعات القوميّة
بناء قوّة حربيّة
التنافس على المستعمرات
التحالفات العسكرية
حادثة سراييفو
نمو النزعات القوميّة
نشأت القوميّة في القرن التّاسع عشر بين الشعوب التي تشترك في نفس اللغة، وتاريخٍ أو ثقافةٍ واحدة، ممّا أدّى إلى تأسيس دولتين نتيجةً لتوحّد عدّة دويلات صغيرة على المبادئ القوميّة، وهما: (ألمانيا وإيطاليا ).
قامت الدّول القوميّة بإضعاف الإمبراطوريّات في الجهة الشرقيّة من النّمسا (المجر وروسيا والدّولة العثمانيّة)، وكانت هذه الامبراطوريات تحكم مجموعات عرقيّةٍ، ودول كثيرة تناضل من أجل الاستقلال، وكانت الصّراعات بين المجموعات القوميّة متفجّرةً في دول شبه جزيرة البلقان في الجنوب الشرقيّ من أوروبا، وعُرفت شبه الجزيرة بأنّها برميل البارود في أوروبا؛ لأنّ شعوباً كثيرة من البلقانيين كانوا جزءًا من الدّولة العثمانيّة.
إقرأ أيضا:ابراج الحب ما تحتاجه لجعل العلاقة تدوم ، بالتوقيعحصلت عدّة دول على الاستقلال، منها: (اليونان، والجبل الأسود، والصّرب، ورومانيا، وبلغاريا، وألبانيا) في الفترة من 1821 إلى 1913م؛ لذلك فقد نشبت التوتّرات عندما احتكّت كلّ دولةٍ مع جيرانها بشأن الحدود، وانتهزت النّمسا ـ المجر وروسيا ضعف الدّولة العثمانيّة لتزيدا من نفوذهما في البلقان.
بعد هذه الأحداث، بدأ التّنافس الاستعماري للسّيطرة على البلقان، وازداد التوتّر ممّا أدّى إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، عندها قامت صربيا بقيادة حركة لتوحيد العنصر السّلافي في المنطقة، أمّا روسيا التي تعدّ من أقوى الدّول السلافيّة عملت على تأييد صربيا، لكنّ النمسا ـ المجر خشيت من القوميّة السلافية الّتي أدّت إلى قلق بداخلها؛ لأنّ ملايين من السلاف يسكنون فيها.
وفي عام 1908م ألحقت النّمسا ـ المجر البوسنة والهرسك إلى إمبراطوريّتها، ممّا أدّى إلى إغضاب صربيا الّتي كانت تسعى إلى السّيطرة على تلك الأراضي الّتي كان يعيش فيها الكثير من الصربيين.
بناء القوّة الحربيّة
فقد ارتفعت حدّة التّنافس بين الدّول الأوروبية فيما يخص التسلّح، وأرادت ألمانيا أن تنشئ إمبراطوريّة استعماريّة في أراضي ما وراء البحار، وهذا يتطلّب أن تزيد في أسطولها البحري، الأمر الّذي دفع بريطانيا على تعزيز وزيادة أسطولها البحري، فكانت ألمانيا وبريطانيا على وجه التّحديد تسعيان إلى تعزيز أساطيلهم البحريّة.
التّنافس على المستعمرات
في أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين، استعمرت الأمم الأوروبيّة تقريباً جميع أنحاء إفريقيا وأغلب آسيا، وعملت على زيادة التّصنيع والسّعي إلى المستعمرات لإمداد المصانع بالمواد الخام، وإمداد الأسواق بالبضائع المصنّعة، ممّا أدّى إلى وجود التوتّر بين الدّول الأوروبيّة بسبب التسابق نحو المستعمرات والتنافس عليها .
إقرأ أيضا:هل تتأثر الرضاعة الطبيعية بالصيام؟التّحالفات العسكرية
كان لتنافس الدّول الأوروبيّة على توسيع الاحتلال الاستعماري، أثر في عقد تحالفاتٍ سريّة ما بين الدول، ونشوء تحالفات عسكريّة؛ حيث نشأ تحالف بين إنجلترا وفرنسا، وتحالف ثلاثي ما بين ألمانيا وإيطاليا والنّمسا، إلّا أنّ هذا التّحالف لم يستمر بسبب خروج إيطاليا منه، وحلّت مكانها الدّولة العثمانيّة بعد توقيعها عهداً مع ألمانيا.
حادثة سراييفو
وهي حادثة اغتيال ولي العهد النمساوي؛ بحيث إنّها تعدّ السّبب المباشر للحرب. وحدثت هذه الحادثة كما يلي:
اغتيل في عام 1914 م وريث العرش النمساوي فرانز فرديناند وزوجته أثناء زيارة لهما إلى سراييفو، وهي منطقة تقع في البوسنة والهرسك، على يد طالبٍ صربيّ يُدعى جافريلو برينسيب، ذلك لأنّ الصرب طالبت بالحريّة وحقّ الشعب في تقرير مصيره، فما كان من النّمسا إلّا أن رفضت مطالب الصّرب، وعندئذٍ قام الطالب باغتيال وريث العرش النمساوي، ممّا أثار الغضب النّمساوي على الصرب؛ حيث أرسلت النّمسا إنذاراً للصّرب يقتضي بعزل أيّ موظّفٍ أو قوّاتٍ معادية للنّمسا. كذلك عمل الصربيّون على منع أيّ دعاية مضادّة للنمسا، وقامو بإغلاق الصحف والمجلّات المعادية للنّمسا، كذلك طالبت الحكومة النّمساوية من الصرب الاشتراك في التحقيق بمقتل الوريث النمساوي، فما كان من الصّرب إلّا أن يرفضوا هذه المتطلّبات، فأعلنت النمسا الحرب على الصّرب، فكان هذا السّبب من الأسباب الرئيسيّة في نشوء الحرب العالميّة الأولى.
إقرأ أيضا:كيف طريقة العمرةشهد القرن التّاسع عشر نهضةً فكريّةً متطوّرة قويّة، ونجحت هذه النّهضة وانتشرت خصوصاً بعد الوحدة الألمانيّة والبريطانيّة؛ حيث بدأت القوميّات والشّعوب الأوروبيّة بالمطالبة بالحريّة والاستقلال، وأنّه على الشّعب أن يقرّر مصيره، ممّا أدّى إلى اشتعال القتال والحروب والصّدمات في منطقة البلقان الّتي تعاني أصلاً من تعدّد القوميّات وتداخلها وتشابكها .
الملخّص
كانت التطوّرات السياسيّة والعسكريّة التي حدثت في العالم أوائل القرن العشرين سبباً رئيسيّاً أدّى إلى اشتعال الحرب العالميّة الأولى والّتي كانت بين مجموعة من الدّول الكبرى، وقد سمّيت بالحرب العالميّة لأنّ معظم دول العالم شاركت فيها، وكانت مجموعة منهم مشتركة بشكل مباشر، وأخرى بشكل غير مباشر، كما أنّ الحرب العالميّة الأولى أدّت إلى موت الملايين من البشر، والوصول إلى خسائر كبيرة ماديّة وبشريّة، كما أنّها كانت سبباً رئيساً أيضاً في إنهاء ملكيّات وأرستقراطيّات أوروبية؛ حيث إنّ أبرز أسباب الحرب العالميّة الأولى كانت نموّ النزعات القوميّة، بالإضافة إلى بناء قوّةٍ حربيّة لدى الدّول، وكان أيضاً من أبرز اسباب الحرب العالميّة الأولى التّنافس على المستعمرات.
أمّا السبب المباشر للحرب العالميّة الأولى فهو اغتيال وليّ العهد النّمساوي الّذي أشعل فتيلة الحرب بين الأطراف المتنازعة.