اتخذوا احبارهم ورهبانهم
يقول تعالى في كتابه الحكيم في سورة التوبة :{ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا الله إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } الآية 31 . وفي تفسير الطبري يقول : قال أبو جعفر : اتخذ اليهود أحبارهم ، وهم العلماء .
وقد ذكرت ” حبر” بكسر الحاء ، وفتحها ، كما اورد الفراء . وقال : حدثنا وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سلمة ، عن الضحاك : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم } ، قال : قراءهم وعلماءهم . و { أرباباً من دون الله } ، يعني ، سادة لهم من دون الله ، يطيعونهم في معاصي الله ، فيحلون ما أحلوه لهم مما قد حرمه الله عليهم ، ويحرمون ما يحرمونه عليهم مما قد أحله الله لهم .
وقال حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا مالك بن اسماعيل وحدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد جميعاً ، عن عبد السلام بن حرب قال ، حدثنا غطيف بن أعين ، عن مصعب بن سعد ، عن عدي بن حاتم قال : اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال : يا عدي ، اطرح هذا الوثن من عنقك ، قال : فطرحته ، وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة براءة ، فقرأ هذه الاية : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) ، قال قلت ، يا رسول الله ، إننا لسنا نعبدهم . فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتحلونه ؟ قال : قلت بلى . قال : فتلك عبادتهم .
إقرأ أيضا:فضل سورة الاسراءوقال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي البختري ، عن حذيفة : أنه سئل عن قوله : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) ، أكانوا يعبدونهم؟ قال : لا ، كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه .
وعن ابن وكيع أنه قال : حدثنا ابن نمير ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ) ، قال : قلت لأبي العالية : كيف كانت الربوبية التي كانت في بني إسرائيل؟ قال : [ لم يسبوا أحبارنا بشيء مضى ] “ما أمرونا به ائتمرنا ، وما نهونا عنه انتهينا لقولهم” ، وهم يجدون في كتاب الله ما أمروا به وما نهوا عنه ، فاستنصحوا الرجال ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم .
وأما قوله سبحانه وتعالى : ( والمسيح ابن مريم ) ، فإن معناه : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيح عيسى ابن مريم أربابا من دون الله .
إقرأ أيضا:افضل رسائل يوم الجمعةوأما قوله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا ) ، فإنه يعني به : وما أمر هؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا الأحبار والرهبان والمسيح أربابا ، إلا أن يعبدوا معبودا واحدا ، وأن يطيعوا إلا ربا واحدا دون أرباب شتى ، وهو الله الذي له عبادة كل شيء سبحانه وتعالى عما يشركون .