التربية الجنسية وضوابطها

التربية الجنسية وضوابطها

الغريزة الجنسية

تعتبر الغريزة الجنسية من الغرائز التي أودعها الله سبحانه وتعالى في كل من الإنسان والحيوان. ولهذه الغريزة مهمة كبيرة وحيوية في الحفاظ على النوع عن طريق التكاثر والتناسل. كذلك لها دور مهم ومؤثر في حدوث الانجذاب والتقارب بين الجنسين الذكر والأنثى.
هناك طريقان يمكن للإنسان أن يسلكهما لإشباع هذه الغريزة، الطريق الأول هو ارتباط كل من المرأة والرجل برباط الزواج المقدس، الذي يستطيعان من خلاله إشباع هذه الغريزة بصورة طبيعية ومشروعة. كما أن هناك طرقًا كثيرة ومتعددة لإشباع هذه الغريزة بصورة خاطئة وغير مشروعة خارج مؤسسة الزواج، منها الزنى، العلاقات المثلية والعادة السرية.

التحدث عن الجنس

موضوع الجنس في نظر المجتمعات لدينا، هو من المواضيع التي يحرم الخوض فيها، ويبدو في نظرنا كشيء يحدث ولكن لا يمكننا التحدث عنه بسهولة، خصوصًا عندما يواجه الآباء بسؤال عن الجنس من قبل أطفالهم. ولكن علينا أن ندرك أن رغبة الأطفال في معرفة الجنس شيء طبيعي يستحق العناية؛ ففي السنوات الأولى يرغب الأطفال أن يعرفوا كيف جاءوا وأين تكونوا، ثم يلاحظون فروقًا في تكوينهم الجسمي، ويحاولون معرفة سبب ذلك. وفي سن المراهقة يرغبون في معرفة ما يعنيه الحب والزواج. فإذا كان أطفالك لا يهتمون بهذه المسائل، فإن ذلك لا يعني أنهم شديدو الأدب، بل يعني أنهم على درجة كبيرة من البلاهة والنقص العقلي.

وتكمن المشكلة في أن الآباء يصرون على وضع العقبات في طريق التربية الجنسية فهم يجهلون أن الأطفال إذا لم يستطيعوا أن يحصلوا على إجابة شافية من الوالدين، فإنهم سيبحثون عنها -ويجدونها- في مكان آخر وبطريقة أخرى، ومن أجل ألا يطغى موضوع الجنس على شخصية المراهق فيرافقه في شتى مجالاته العقلية والاجتماعية والعاطفية والانفعالية، ومن أجل إعطاء المعلومة الصحيحة بدل الجهل التام الذي يودي به إلى عواقب ومشكلات بإمكاننا تخليصه منها، تقضي الضرورة القيام بتربية جنسية تعود بأكبر قدر من النفع عليه كفرد وعلى مجتمعه بصورة عامة.

التربية الجنسية

قبل أن نشرع في الحديث عن موضوع التربية الجنسية، يجب علينا أولاً أن نعطي تعريفًا علميًا لهذا المفهوم. فمفهوم التربية الجنسية يعني (ذلك النوع من التربية التي تمد الفرد بالمعلومات العلمية والخبرات الصالحة والاتجاهات السليمة إزاء المسائل الجنسية بقدر ما يسمح به نموه الجسمي والفسيولوجي والعقلي والانفعالي والاجتماعي وفي إطار التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع، مما يؤهله لحسن التوافق في المواقف الجنسية ومواجهة مشكلاته الجنسية في الحاضر والمستقبل مواجهة واقعية تؤدي إلى الصحة النفسية).

والتربية الجنسية في قاموس علم النفس تعني: استخدام الوسائل المساعدة في معرفة وتوضيح الخصائص الإنسانية المرتبطة بالجنس. كما تهتم بشكل خاص بالأبعاد النفسية والتربوية للشخصية في علاقاتها مع ذاتها وفي علاقاتها مع الآخرين.

تجدر الإشارة إلى وجود بعض المعترضين على تطبيق مثل هذه التربية بحجة أن التذكير بالشيء يدفع بالمتعلم إلى التعاطي من هذا الشيء وتجريبه، مما يعني أن القيام بالتربية قد يزيد من فضول الأطفال والمراهقين، ويزيد من اهتمامهم بهذه الأمور فيسعون إلى الاكتشاف والإطلاع والاختبار. ولكن ومع نمو وتطور وسائل الحصول على التغذية الجنسية الخاطئة وغير المشروعة، مثل الستلايت والانترنت والمجلات والأفلام الخلاعية وغيرها من المصادر الخطرة، فإنه لزامًا علينا أن نحمي ونقي أطفالنا ومجتمعاتنا من كل هذه الأخطار، فنوفر لهم تربية جنسية سليمة وأخلاقية، تكون لهم حصانة ووقاية.


أبعاد وأهداف التربية الجنسية

أولاً: تزويد الفرد بالمعلومات الصحيحة عن ماهية النشاط الجنسي.

ثانيًا: تعليمه الألفاظ العلمية المتصلة بأعضاء التناسل والسلوك الجنسي.

ثالثًا: إكسابه التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية الخاصة بالسلوك الجنسي.

رابعًا: تشجيعه على تنمية الضوابط الإرادية لدوافعه، ورغباته الغريزية، وشعوره بالمسئولية الفردية والاجتماعية، وتنمية الوعي والثقافة العلمية، ومعرفة خطورة الحرية الجنسية على الفرد وعلى المجتمع.

خامسًا: وقايته من أخطار التجارب الجنسية غير المسئولة التي يحاول فيها استكشاف المجهول أو المحظور بدافع إلحاح الرغبة الجنسية المتأججة والمكبوتة لديه.

سادسًا: تكوين اتجاهات سليمة نحو الأمور الجنسية، والنمو الجنسي، والتكاثر والحياة الأسرية تتمشى مع العلاقات الإنسانية المحمودة.

سابعًا: ضمان إقامة علاقات سليمة ومشروعة بين الجنسين قائمة على فهم دقيق واتجاهات صحية.

ثامنًا: تصحيح ما قد يكون هناك من معلومات وأفكار واتجاهات خاطئة مشوهة نحو بعض أنماط السلوك الجنسي الشائع.

تاسعًا: تنمية الضمير الحي فيما يتعلق بأي سلوك جنسي يقوم به الفرد بحيث لا يقوم إلا بما يشعره باحترامه لذاته، ويظل راضيًا عنه في المستقبل ولا يضر أحدًا ويتمشى مع التعاليم الدينية والمعايير و القيم الأخلاقية.

عاشرًا: تعزيز المفهوم الإنساني للجنس من خلال تكامل الأنا مع الأخر بعلاقة صادقة ترتبط بالحب وبالقدرة على العطاء والالتزام بالأخر.

حادى عشر: إضافة إلى ذلك يمكننا بالتربية الجنسية مساعدة الشاب والشابة المقبلين على الزواج من الإقدام على هذا العمل المبارك من المجتمع بثقة ومعرفة بدلاً من أن يقدما عليه مكتسبين معلومات قد تكون مغلوطة ينتج عنها اضطراب في الحياة الزوجية متمثلاً بالقلق الزوجي أو الشقاء الزوجي أن الأنانية الزوجية.

ثانى عشر: إطلاع الرجل على معلومات تتعلق بماهية الدورة الشهرية والحالة النفسية والفسيولوجية التي تمر بها المرأة أثناءها.

والأسئلة التي تطرح نفسها هي على من يقع عاتق التربية الجنسية؟ وأين يجب أن تتم؟ وكيف يجب أن تقدم هل بصورة فردية أم جماعية؟ ومتى نبدأ بالتربية الجنسية؟

في الحقيقة أن التربية الجنسية عمل تعاوني يجب أن تقوم به مؤسسات التنشئة كالأسرة والمدرسة، ومؤسسات تربوية أخرى كدور العبادة، وسائل الإعلام بكافة أنواعها، جمعيات النفع العام و سائر المؤسسات التي تهتم بشئون الطفل والأسرة.

تبدأ التربية الجنسية من البيت أولاً وقبل الولادة عن طريق تربية الوالدين وإعدادهما للأبوة والأمومة، ثم تتم عن طريق تربية الطفل في البيت من قبل الوالدين وباقي الأهل. وهنا محل التنبيه إلى أهمية الطفولة وأهمية السنين الثلاث أو الخمس الأولى التي يقضيها الطفل في البيت، والتي يتفتح أثناءها فضوله وقابليته للكلام والسؤال.

ثم بعد ذلك يذهب الطفل إلى المدرسة وهو يحمل أسئلة في رأسه، وقد يوجهها إلى معلمه أو معلمته، أو ربما إلى أحد نظائره. فهنا يجب أن يكون المعلمين معدين إعدادًا جيدًا للإجابة على تساؤلات الطفل.

إغلاق
error: Content is protected !!