بينما كان حطاب يحطب ويجمع الحطب ويصنع منه أكواماً قبل نقله إلى بيته ، إذا بشاب يركض ويلهث من التعب ، فلما وصل إليه طلب منه أن يخبأه في أحد أكوام الحطب كي لا يراه أعداؤه الذين هم في أثره يريدون قتله.
فقال الحطاب : أدخل في ذلك الكوم الكبير، فدخل وغطاه ببعض الحطب كي لا يرى منه شيء …وأخذ الحطاب يحتطب ويجمع الحطب …
وبعد قليل أبصر الحطاب رجلين مسرعين نحوه فلما وصلا سألاه عن شاب مر به قبل قليل ووصفاه له ، وإذا به الشاب نفسه المختبئ عنده ، فقال لهم : نعم لقد رأيته وخبأته عنكما في ذلك الكوم ابحثوا عنه فإنكم ستجدونه والشاب في كوم الحطب يسمع الحديث ، فكاد قلبه يقف لشدة الخوف والهلع عندما سمع الحطاب يخبرهم بمكانه .فقال أحدهما للآخر : إن هذا الحطاب الخبيث يريد أن يشغلنا في البحث عنه في كوم الحطب الكبير هذا ليعطيه فرصة للهرب ، لا تصدقه ، فليس من المعقول أن يخبأه ثم يدل عليه ، هيا نسرع للحاق به .
ومضيا في طريقهما مسرعين ..ولما ابتعدا واختفيا عن الأنظار خرج الشاب من كوم الحطب مذهولاً مستغرباً ، وقد بدت عليه آثار الاضطراب والخوف والغضب ، فقال معاتباً الحطاب : كيف تخبؤني عندك وتخبرهم عني ، أليس لك قلب يشفق ؟ !
إقرأ أيضا:عبارات عن فراق الأصدقاء.أليست عندك رحمة .. أليس .. أليس … ؟
إقرأ أيضا:المعرفة قاتلة عند سوء الاستخدام!فقال الحطاب : يابني إذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى ووالله لو كذبت عليهم لبحثوا عنك ووجدوك ثم قتلوك
الحكمة : الأولى واضحة وهي أن الصدق منجاة ، لكن الثانية هي أن الأمور البسيطة قد يعتبرها المتسرع مستحيلة فهؤلاء الرجلين لم يصدقا الحطاب لأنه قال شيئاً بسيطا مباشراً فخسرا طريدتهما.