الصمت في حرم الجمال

الصمت في حرم الجمال

هذه قصيدة جميلة لنزار قبانى

قل لي ولو كذباً كلاماً ناعماً… قد كاد يقتلني بك التمثال ..

ما زلت في فن المحبة طفلة… بيني وبينك أبحر وجبال ..

لم تستطيعي بعد أن تتفهمي… أن الرجال جميعهم أطفال ..

إني لأرفض أن أكون مهرجاً… قزماً على كلماته يحتال ..

فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً … فالصمت في حرم الجمال جمال .

كلماتنا في الحب تقتل حبنا… إن الحروف تموت حين تقال ..

قصص الهوى قد أفسدتك فكلها… غيبوبة .. وخرافة .. وخيال ..

الحب ليس رواية شرقية… بختامها يتزوج الأبطال ..

لكنه الإبحار دون سفينةً… وشعورنا أن الوصول محال ..

هو أن تظل على الأصابع رعشةً… وعلى الشفاه المطبقات سؤال ..

هو جدول الأحزان في أعماقنا… تنمو كروم حوله وغلال ..

هو هذه الأزمات تسحقنا معاً … فنموت نحن وتزهر الآمال ..

هو أن نثور لأي شيء تافه… هو يأسنا هو شكنا القتال ..

هو هذه الكف التي تغتالنا… ونقبل الكف التي تغتال ..

لا تجرحي التمثال في إحساسه… فلكم بكى في صمته تمثال ..

قد يطلع الحجر الصغير براعماً … وتسيل منه جداول وظلال ..

حسبي وحسبك أن تظلي دائماً… سراً يمزقني وليس يقال ..

الشاعر نزار قباني الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في النصف الثاني من القرن العشرين .. ولم تزل اشعاره ورسومه وصوره والوانه تنتشر في كل مكان من ثقافتنا العربية وقد نقلها جيل الى جيل . نعم ، لقد كان نزار قباني قد رحل فجأة وهو يقيم في لندن يوم 30 ابريل 1998 .. واذا كان نزار قد رحل رحلة نهائية ، فان تراثه الادبي سيبقى الى جانب تاريخه الادبي والفكري على طول الزمن . ويسرني بهذه ” المناسبة ” ان استعير من كتابي ( نسوة ورجال : ذكريات شاهد الرؤية ) الفصلة من ذكرياتي عن نزار قباني وقد كنت قد اسميته : شاعر الرسم بالكلمات الرائعة . لقد كتبت اقول عنه : اولا : شاعر التناقضات العربية

شاعرية نزار وثقافته:

انني اعترف أن للرجل شاعريته التي لا يختلف حولها اثنان ، وعندما يسمعه الناس تطرب أسماعهم وتهفو قلوبهم ، خصوصا ، وانه امتلك قدرة رائعة في الإلقاء الشعري الذي يأسر القلوب ! إنني لا أريد أن أكون ضد الرجل وقد غاب عنا ، فلقد حكيت له كيف اقيم له تفكيره ! صحيح انه جادلني في البداية ، ولكنه بدأ يحترم آرائي لأنه عرف إنني من المؤمنين بحرية الإنسان وتنمية قدراته وتفكيره واستقلالية إرادته . وكان نزار ينتشي جدا عندما يسمونه بـ ” شاعر المرأة ” . والحق يقال ، بأن نزارا في قصائده الوطنية وأنشوداته القومية ومواقفه النقدية الساخرة وفي العديد من مقالاته التي نشرها في سنواته الاخيرة في ركن من جريدة الحياة المعروفة ، كان مثالا للمثقف العاشق ليس للمرأة حسب ، بل لترابه واوطانه لولا جملة التناقضات التي وقع فيها كأي شاعر عربي متمرد في هذا الوجود.

إغلاق
error: Content is protected !!