تذكرت ليلى والسنين الخواليا

تذكرت ليلى والسنين الخواليا

تذكرت ليلى والسنين الخواليا

ما أن يذكر اسم ليلى حتى ويقفز إلى الأذهان اسم قيس، وما أن يذكر اسم قيس إلا ويقفز كذلك إلى الأذهان اسم ليلى ، وإن القصيدة التالية هي من أعذب ما نظمه مجنون ليلى من قصائد في ليلاه ، ويكاد كل بيتٍ فيها يتقطر حنيناً ووجداً وأنيناً ، يقول المجنون فيما يقول بليلاه :

تذكرت ليلى والسنين الخواليا     وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا

ويومٌ كظل الرمح،قصرت ظله     بليلى ، فلهّاني، وما كنت ناسيا

فيا ليل كم من حاجة لي مهمة     إذا جئتكم بالليل لم أدرِ ما هيا

لك الله يا قيس على هذه الصور البديعة في الوصف ،وكأنه يريد أن يقول أنه في حضرة ليلى ينسى اسمه وأن كل الكون هو ليلى .

خليليّ إن لا تبكياني ألتمس     خليلاً إذا أنزفت دمعي بكى ليا

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما     يظنّان كل الظن أن لا تلاقيا

لحى الله أقواما يقولون أننا     وجدنا طوال الدهر للحب شافيا

خليليّ، لا والله، لا أملك الذي     قضى الله في ليلى ولاما قضى ليا

قضاها لغيري وابتلاني بحبها     فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا

بربكم أو لم تبكم أبياته السابقة ، والله إني وددت لو أن قيساً كان يعيش في زماننا وقمنا بإستنساخ ليلى له ، ولكنني لا أظنه سيهواها ، لأن هواه في ليلاه كان عشق الروح والجسد .

وخبّرتماني أن تيماء منزل لليلى     إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت     فما للنوى ترمي بليلى المراميا

فيا رب سو الحب بيني وبينها     يكون كفافا لا عليّ ولا ليا

فما طلع النجم الذي يهتدى به     ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا

ولا سمّيت عندي لها من سمية     من الناس إلا بلّ دمعي ردائيا

ولا هبت الريح الجنوب لأرضها     من الليل إلا بت للريح حانيا

أورأيتم كيف أن ليلى في عيونه تعني الوجود بكل ما فيه ؟

فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها     عليّ ، فلن تحموا عليّ القوافيا

فأشهد عند الله أني أحبها     فهذا لها عندي فما عندها ليا

قضى الله بالمعروف منها لغيرنا     وبالشوق مني والغرام قضى ليا

أعد الليالي ليلة بعد ليلة     وقد عشت دهرا لا أعد اللياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني     أحدث عنك النفس بالليل خاليا

أراني إذا صليت يممت نحوها     بوجهي، وإن كان المصلى ورائيا

وما بي إشراك ولكن حبها     وعظم الجوى أعيا الطبيب المداويا

ثم نراه يشهد ويعترف أن ما به من عشقٍ قد أذهب بعقله وليس لشفائه من سبيل .

أحب من الأسماء ما وافق اسمها     أو أشبهه ، أو كان منه مدانيا

خليلي ليلى أكبر الحاج والمنى     فمن لي بليلى أو فمن ذا لها بيا

خليلي ما أرجومن العيش بعدما     أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا

وتجرم ليلى ثـم تزعم أنني     سلوت ، ولا يخفى على الناس ما بيا

فلم أرى مثلينا خليلي صبابة     أشد علي رغم الأعادي تصافيا

خليلان لا نرجو اللقاء ولا نرى     خليلين إلا يرجوان التـــلاقيا

يقول أناس علّ مجنون عامر     يريد سلوا ، قلت أنى لما بيا

إذا ما استطال الدهر يا أم مالك     فشأن المنايا القاضيات وشانيا

إذا اكتحلت عيني بعينك لن تزل     بخير وجلأّت غمرة عن فؤاديا

فأنت التي إن شئت أشقيت عيشتي     وأنت التي إن شئت أشقيت باليا

وأنت التي ما من صديق ولا عدا     يرى نِضوَ ما أبقيتِ إلا رثى ليا

إذا سرت في الليل الفضاء رأيتني     أصانع رحلي أن يميل حياليا

يمينا إذا كانت يمينا وإن تكن شمالا     ينازعني الهوى عن شماليا

اللهم لا تشتت ما بين كل حبيبين ، وإجمع يا رب كل قيس بليلاه آمين .

إغلاق
error: Content is protected !!