حكم اكل الضبع

حكم اكل الضبع

قال الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم): “حرام عليكم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير”، إذًا فإنه من المحرم أكل الحمر الأهلية، وهي “الحمير” التي تستخدم في النقل والحمل، ولكن يجوز لنا أكل الخيول، عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه – قال:

نهى رسول الله عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل”، وكذلك محرم أكل كل صاحب ناب من السباع أو مخلب من الطير، لكن .. ماذا عن الضباع؟!! أحلال أكل لحومها أم حرام ذلك؟!! تابع معنا هذا المقال الشيق لمعرفة الجواب عن هذا السؤال.

  يجب علينا في البداية أن نعلم ما هو الضبع؟

ومن ثم نذكر أقوال العلماء ورأيهم في هذه القضية. الضبع: هو أحد الحيوانات الثدية التي تلد، وهو حيوان مفترس يعيش على أكل الجيف وبقايا صيد الحيوانات والأعشاب، وهو من فصيلة شبه مهددة. وهو حيوان ذو ناب، وكما ذكرنا فإن الرسول حرم كل ذي ناب من السباع، ومع ذلك اختلف العلماء رحمهم الله في أكل لحم الضبع، ذهب الشافعية والإمام أحمد إلى جواز أكل لحم الضبع، واحتجوا بما يلي:

احتجوا على ذلك بحديث جابر رواه الترمذي وصححه البيهقي وابن حبان وابن خزيمة: “جاء عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ: أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.”

قالوا هذا دليل صريح على أن الضبع يؤكل لحمه، وهذه حجة من يقول بجواز أكل لحم الضبع. قال الشافعي -رحمه الله- فيما ينقل عنه: “وما زال الناس يذبحونها ويأكلونها عند الصفا والمروة من غير نكير، وهو مما تستطيبه العرب”، أي أن العرب كانت تأكل لحم الضبع دون أن ينكر عليهم هذا من العلماء أو من غيرهم. ولكن قوله “وهو ما تستطيبه العرب” لم يرى كثير من العلماء أن في هذا حجة؛ لأن العرب أيام الجاهلية كانت تستطيب أشياء حرمها الله، ومن قرأ سورة الأنعام ظهر هذا له جلياً، ولا يوجد في الشرع شيء اسمه تستطيبه العرب ولا تستطيبه العجم، فيباح؛ لأنّ العرب تستطيبه، أو يحرم لأن العرب تستقذره والعجم تستبيحه، هذا لا يمكن أن يقع كما بين شيخ الإسلام ابن تيمية

رحمه الله- وتبعه في ذلك كثير من محققي العصر ومنهم العلامة صالح الفوزان -حفظه الله ووفقه- المقصود أن قول الشافعي رحمه الله “وتستطيبه العرب” ليس فيه حجة، لكن نبقى في حجته أنه يراه يذبح بين الصفا والمروة من غير نكير، هذا قول من يقول بإباحة الضبع. يقابله القول بالتحريم، وهو قول الأحناف، قالوا: أنه ذو ناب، وردوا على أقوال الشافعية الحنابلة بأقوال ثلاث: أن حديث جابر ليس بالمشهور، وتحريم كل ذي ناب مشهور، فالعمل بالمشهور أولى من عمل بغير المشهور.

أن حديث تحريم كل ذي ناب يقتضي الحظر والتحريم، وحديث جابر يقتضي الإباحة والحظر مقدم على الإباحة. يمكن حمل الإباحة قبل ورود الحظر.   يقول ابن القيم في هذا المسألة إننا لو أخذنا أن الرسول حرم كل ذي ناب فقط، وجعلناها هي المعيار والمناط فإن ذلك لا يتأتى أن نقول أن الضبع حلال لأن هذا استثناء لا مبرر له، لكنه -رحمه الله- يذهب إلى جواز أكل لحم الضبع ويقول في تحريم السباع لابد من وصفين: أن يكون سبعاً عَادِيَاً، يعدو على الناس.

وأن يكون ذا ناب.

إذا اجتمعت هاتان الصفتان كان التحريم، فإن لم تجتمعا وكانت إحداهما كان التحريم، لا يمكن أن نستثني الضبع من كل ذي ناب، ولكنه ليس عادِيَاً على الناس: كالأسد أو النمر أو الفهد أو الذئب، وعلى هذا يرى –رحمه الله- بقاء الاباحة لعدم عَدْوه على الناس.   هذا والله أعلى واعلم

إغلاق
error: Content is protected !!