الاقتصاد

حكم تداول العملات

حكم تداول العملات

التعامل في العملات يشترط فيه التقابض، والتشكيل الذي يكون في الحسابات في البنوك يعتبر نوعاً من أنواع التقابض، و قد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: “الذهب بالذهب رباً إلا مثلاً بمثل، و الفضة بالفضة رباً إلا مثلاً بمثل”، ثم قال صلى الله عليه وسلم: “فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد”.

فإذا كان هناك تقابض في المجلس الحكمي، و هو وقت الاتصال بالإنترنت، فحين إذٍ يعتبر البيع جائزاً، و التسجيل في الحسابات يعتبر نوعاً من أنواع التقابض.

أما إذا كان التقابض لا يكون إلا بعد مدة، بعد ساعة، أو بعد ساعتين، أو يوم، أو يومين، و لا يسجل في حساب الإنسان إلا بعد هذه المدة، فحين إذٍ نقول أنه لا يجوز مثل هذا التعامل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيد بيع العملة بالعملة بكونه بالتقابض.

قال الشيخ عبد العزيز الفوزان، عندما سأل عن حكم التداول بالذهب و الفضة و العملات على الإنترنت، قال: “إن التعامل الموجود الآن مع الأسف كالعملات و الذهب و الفضة، هذا لا يجوز؛ لأن هذا ليس فيه قبض حقيقي، و النبي عليه الصلاة و السلام لما ذكر الأصناف الربوية، كالذهب والفضة و يقاس عليه اليوم العملات بأنواعها، قال: “فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيفما شئتم”، يعني في الزيادة، و لكنه قال: “يداً بيد”، يعني فيه تقاض بين الطرفين، و لكن ما يحصل الآن ليس فيه تقابض، تبيع و تشتري صحيح فيه قيود محاسبية ثم في نهاية ذلك اليوم يصفون هذه القيود المحاسبية، هذا ليس قبضاً شرعياً، لكن إن كان في النفط، والنفط سلعة، ليس كالذهب والفضة، فلا بأس إن كان مستوفي للشروط الشرعية”.

إقرأ أيضا:أهمية الإنتاج

و هذا النوع من المعاملات اصطلح تسميته بـ “الفوركس”، و ترجمتها عن الإنجليزية تعني “التداول بالعملات الأجنبية”، فهذه هي حقيقتها وإن حاول بعض المسلمين أن يضفي عليها صورة أخرى، إلا أن هذه الصور هي صور متوهمة في أذهانهم فقط؛ لأن هذا المصطلح مصطلح عالمي تتعامل به أسواق المال، و بمجرد إطلاقه فإنه يكشف عن حقيقته و معناه، و حقيقته و معناه “الإتجار و البيع و الشراء في العملات الأجنبية”، وباختصار شديد، فإن الأمر الذي تطمئن به النفس و يظهر رجحانه هو حرمة مثل هذا النوع المسمى بتجارة العملات أو تجارة الفوركس، و السبب في ذلك هو أن هذه العملات في حقيقة الشرع هي أثمان، للأشياء، للسلع و المنافع، هي ليست سلعاً في ذاتها، حتى تتخذ وسيلة يُتَكسب من ورائها، هي أثمان و قيم للسلع و الأعيان و البضائع و المنافع و الخدمات، لكن تجارة الفوركس تعمل على جعل هذه العملات في ذاتها سلع يتاجر بها، هذا هو السبب الأول.

أما السبب الثاني؛ لأن العلماء اختلفوا في حكم هذه العملات المالية، هل هي أجناس مختلفة، أم هي جنس واحد، فالذين يقولون أنها جنس واحد، لا إشكال بالقول بحرمة هذا النوع من التعامل؛ لأن الحاصل في تجارة الفوركس أن الداخل فيها يرغب في جني الأموال عن طريق البيع والشراء في العملات، و العلماء الذي يقولون أنها جنس واحد، فإنه لا يصح أن تباع متفاضلة بل يجب أن تباع مثل بمثل يداً بيد، لأنها من الأجناس الربوية، و الذين يقولون أنها أجناس مختلفة، و حجتهم أنها ليس أثمان بالخلقة كالذهب و الفضة، و لكنها أثمان بالعرف، و لذلك فهي أجناس مختلفة، و لكنهم جميعاً يرون أن أجناس ربوية، لذلك لا يصح فيها التفاضل إلا يداً بيد، و في مجلس واحد، و الأسواق المالية لا تتعامل في تجارة الفوركس ما يحقق البيع و الشراء في مجلس واحداً، و إن كان مجلس حكمياً أو إلكترونياً، بل الانتظار إلى حين ارتفاع أسعارها، ثم بيعها والاتجار بها، لذلك فالصفقة لا تتم في مجلس واحد و هناك ما يسمى بـ “تبييت الصفقة” إذا أغلقت الأسواق المالية.

إقرأ أيضا:قصيدة ” غمض الحديد بصاحبيك فغمضا” بشار بن برد
السابق
حكم جلال الدين الرومي
التالي
حكم المتنبي