يخاطب الشاعر الطبيعة الفاتنة وأمواج البحر المتلاطمة ويشكو لها أحزانه وفراق الأحبة في غربته الروحية.
تدفق أيها الموج الطروب== قلي قلب على ألمي يذوب..اقترب أيها الموج الصديق وأسمعني صوت هيحانك العذب ، وأنعش قلبي المرهف المتألم الذي تعب من شدة الاغتراب الروحي…
يذوب من الأسى الدفاق حتى= كأن أساه ما شكت القلوب….لقد ذاب قلبي من شدة الحزن والأسى على فراق الأحبة ، حتى أصبحت شكواه تفوق شكوى قلوب المعذبين بفراق أحبتهم …
أعني من خريرك فهو طب = إذا ما خاب في الناس الطبيب….إن صوت أمواجك المتلاطمة تشفي العليل وتبعث الحياة في قلب كل مريض ، وتغني عن مداواة الطبيب …
تحجر كل من أرجو رضاه= فأين للوعتي أين الحبيب..لقد أصبحت الأشياء لا قيمة لها أمامي، وزاد حنيني صبابة وعَظُمَ اشتياقي إلى أحبتي و رفاقي ..
تدفق أيها الموج المغني =فلي من روحك الغالي نصيب..انهمرْ أيها الموج وارتفع بمياهك العذبة الهائجة ، واشمخ للعلا، فإن روحي تواقةً إلى ذلك الشموخ والكبرياء…
أعيش في بيئة كالصخر موتا = وكم في الصخر تحنان عجيب…..لقد أمضيتُ حياتي في بيئة حزينة وكئيبة وخيّم البؤس عليها والشقاء ، حتى حجارة البيت كانت تشكو العذاب والفراق وتتوقُ إلى حياة سعيدة وهانئة…
أنست إلى الجماد ففيه عطف = ومزقني المصاحب والقريب…لقد لجأتُ إلى جمال الطبيعة وجماداتها وحيويتها ولطافة رونقها، بسبب معاناتي من ظلم الحبيب وشكوى الصديق…
وأصبح لي القريب قريب موج = يداعبني و صادقني الغريب…لقد غدت الطبيعة رفيقتي، وصار الموج من أعز أصدقائي، يلاعبني بأمواجه المتلاطمة ، وأصبح كل غريب عني بمثابة الصديق عندي…
يا هذي الرمال وعيت نفسي = فنفسي شعلة ولها لهيب..أيتها الرمال الصديقة لقد انكوت نفسي بلهب أنفاسك الحارة نتيجة الشوق والحنين، واشتعلت جوانحي لهفة بفراق الأحبة..
تكاد النار تلفظ منك لفظا = وتطفئها المياه ولا تغيب… لقد انبعث وهج النار الملتهبة من تلك الرمال، ولكن مياه الشاطئ أخمدته، وفي كل فترة يزداد اللهب ومياه الشاطئ تخمده…
أحن إليك تحناني لأصلي = وأصلي فيك جذاب مهيب..بمناجاتك أيتها الرمال أحنُّ إلى أصالتي وتاريخي، وأفخر بنفسي ، وتنجذب روحي إليك وإلى مكانتك المرموقة و الشامخة…
فخليني إذا أفنى وهمي = ففيك يبدد الروح الكئيب ..لقد تحطمت عواطفي وفني عمري ،ولكن بوجودك أيتها الرمال المحملة بالعواطف أزيلت كل مراحل الألم والخجل، وازدادت قوة النفس تألقا وتآلفاً ومحبة …
وعندك ينشد الموج الأماني = ويلتجئ المعذب والأديب..وعلى ضفافك أيتها الرمال تعزف الأمواج أجمل الألحان والأغاني ، وفي محرابك ملجأً للإنسان المضهد والمعذب وملاذاً للصديق والقريب والأليف.