شعر عن الدنيا
قال تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)، الدنيا أيام وليالي نعيشها وعمراً طويلاً، ولكنه مهما طال فإنه لن يستمر ومهما تمتعنا وسعدنا بها أو شقينا فإنها زائلة لاتدوم لا للغني ولا للفقير، فالكل في هذه الدنيا مسافرون لذلك يجب أن نفهم غاية وجودنا في هذه الدنيا لنعيش بسعادة وننعم بالرضى.
لقد خلق الله الحياة الدنيا ووضع فيها البشر لعبادته وإعمار الأرض، وفضل الناس بعضهم على بعض درجات بالتقوى، فإذا استسلمنا لهذا الأمر وعرفنا أنه لن يصيبنا من الدنيا من خير أو شر إلّا ما كتبه الله لنا فإنّنا سنشعر بالراحة ولانتأسف على ما فاتنا من رزق أو خير فيها، والدنيا كما ذكرت في القرآن الكريم إنها دار شقاء لا دار بقاء ولكن لايعني ذلك أن لا نعيشها ولا يعني أن نتعامل بسلبية، بل يعني ألا نجعل السعي وراء ملذاتها أهم غايتنا.
شعر علي بن أبي طالب
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أنّ السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها
إلّا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُه
وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها
إقرأ أيضا:ابعاد نفسية في شعر أبي الطيب المتنبيودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنةً
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائنٍ في الآفاق قد بنيت
أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها
لا تركِنَنَّ إلى الدنيا وما فيها
فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
لكل نفس وان كانت على وجلٍ
من المَنِيَّةِ آمالٌ تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضُها
والنفس تنشرها والموت يطويها
إنّ المكارم أخلاق أخلاقٌ مطهرةٌ
الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها
والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أنى لا أصادقها
ولست ارشدُ إلا حين اعصيها
واعمل لدار ٍغداً رضوانُ خازنها
والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها
والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسل
والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطيرتجري على الأغصان عاكفةً
تسبحُ الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
بركعةٍ في ظلام الليل يحييها
شعر الشافعي
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ
إقرأ أيضا:قصيدة ” مواويل الغد الآتي” قاسم حدادوَطِبْ نَفْساً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي
فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً
وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ
وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا
وَسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ
يُغَطِّيهِ كَمَا قِيلَ السَّخَاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعَادِي قَطُّ ذُلاً
فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ بَلاءُ
وَلا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ
فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورٌ
وَلا بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلا رَخَاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ
فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا
فَلا أَرْضٌ تَقِيهِ وَلا سَمَاءُ
وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ
إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ
فَمَا يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ
وقال في موضع آخر:
تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيشُ إلى الفجر
فكم من عروس زينوها لزوجها
وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر
إقرأ أيضا:قصيدة إختاريوكم من صغار يُرتجى طولُ عُمرِهم
وقد أدخلت أرواحهم ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم ساكنٍ عند الصباح بقصره
وعند المساء قد كان من ساكن القبر
فداوم على تقوى الإله فإنها
أمان من الأهوال في موقف الحشر
تزود من التقوى فانك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
شعر أبو العتاهية
أصبحت والله في مضيق
هل من دليل إلى الطريق
أف لدنيا تلاعبت بي
تلاعب الموج بالغريق
وقال في موضع آخر:
نظرت إلى الدنيا بعين مريضة
وفكرة مغرور وتدبير جاهل
فقلت هي الدنيا التي ليس مثلها
ونافست منها في غرور باطل
وضيمت أحقاباً أمامي طويلة
بلذات أيام قصار قلائل
وقال في موضع آخر:
عش ما بدا لك سالماً
في ظل شاهقة القصور
يسعى عليك بما اشتهيت
لدى الرَّواح وفي البكور
فإذا النفوس تقعقعت
في ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا
ما كنت إلا في غرور
شعر المتنبّي
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
أين الأكاسرة الجبابرة الألى
كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بجيشه
حتى ثوى فحواه لحد ضيق
شعر إبراهيم بن المهدي
عجباً عجبت لغفلة الإنسان
قطع الحياة بذلة وهوان
فكرت في الدنيا فكانت منزلاً
عندي كبعض منازل الركبان
مجرى جميع الخلق فيها واحد
فكثيرها وقليلها سيان
أبغي الكثير إلى الكثير مضاعفاً
ولو اقتصرت على القليل كفاني
لله در الوارثين كأنني
بأخصهم متبرم بمكاني
قلقاً يجهزني إلى دار البلا
متحفزاً لكرامتي بهوان
متبرّئاً حتى إذا نشر الثرى
فوفى طوى كشحا على هجراني
شعر آخر عن الدنيا
تزود من الدنيا فإنك لا تبقى
وخذ صفوها لما صفوت ودع الزلقا
ولا تأمنن الدهر إني أمنته
فلم يبق لي خلا ولم يرع لي حقاً
قتلت صناديد الملوك فلم أدع
عدوا ولم أهمل على ظنه خلقاً
وأخليت دار الملك من كل بارع
فشردتهم غربا ومزقتهم شرقاً
فلما بلغت النجم عزا ورفعة
وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقاً
رماني الردى رميا فأخمد حمرتي
فها أنا ذا في حفرتي مفردا ملقى
فأفسدت دنياي وديني جهالة
فما ذا الذي مني بمصرعه أشقى
هي الدنيا تقول لمن عليها
حذار حذار من بطشي و فتكي
فلا يغرركم حسن ابتسامي
فقولي مضحك و الفعل مبكي
يا جامعاً لاهياً و الدهر يرمقه
مفكراً أي باب عنه يغلقه
جمعت ما لا فقل لي هل جمعت له
يا غافل القلب أياماً تفرقه
طلبتك يا دنيا فأعذرت في الطلب
وما نلت إلا الهم والغم والنصب
وأسرعت في ذنبي ولم أقض حسرتي
هربت بذنبي منك إن نفع الهرب
و لم أرَ حظاً كالقنوع لأهله
وإن يحمل الإنسان ما عاش في الطلب