علاقة الرياضة بالتربية البدنية

علاقة الرياضة بالتربية البدنية

لقد استخدم مصطلحا الرياضة ، التربية البدنية ، بشكل واسع ، وبصورة تراد فيه الى الحد الذي جعل سوء فهم كل منهما أمرا واردا وطبيعي أن هناك قدرا كبيرا من العلاقات بين المفهومين من زوايا وجوانب متعددة ، حتى أنه يصعب على بعض المختصين في المجال التمييز بينهما بدقة.

ويرى فاندرزواج Vanderzwaag أنه لكي تعرف طبيعة العلاقه بين المفهومين يجب أولا أن نعرف المقصود بكل منهما ، ولقد نال مفهوم الرياضة قبولا واسعا بين أوساط المجتمع على مختلف فئاتها وأنواعها ، فذكر مفهوم الرياضة يستدعي في أذهان الناس – على أقل تقدير – المسابقات الرياضيه والانشطه المرتبطه بها والتى لاقت قبول الناس وتقديرهم ، كما نال مفهوم التربية البدنية أيضا قدرا من القبول ، فلقد درج الناس على نسب الأنشطه البدنية والرياضة ذات الطبيعة التعليمية أو المدرسية الى التربية البدنية ، وبخاصة التمرينات البدنية ، ولهذا فأن التربية البدنية ظهرت بشكل أكثر كنوع من المفاهيم العريضة في السياق التربوي.

وقد يتساءل البعض، وهل من المهم أن نفرق بين هذين المفهومين. وقد يرى بعض خبراء المجال أن المسألة برمتها مسألة سيمانتيكية ، أي تتصل بالمعنى والدلالة اللغوية لا أكثر ،لكن القضية أعقد من هذا ، فهناك اتجاهات – رغم قلتها- تنادي بالفصل بين الرياضة والتربية البدنية.

في انجلترا أشار أندرو أنهم في بعض البلاد يتغاضون عن الفروق بين التربية البدنية والرياضة ، الأمر الذي يؤدي الى نشوب صراع على الأدوار والسلطات ومراكز السيطرة ، ومع ايمانه بأن الحركة هي الوسط المشترك بينهما، الا أنه يؤكد أن هذا لا يعني أن ادوارهم المهنية واحدة.

ولكن هل يعني تعدد الأدوار المهنيه أن يؤدي ذلك الى تباين مصدر التأهيل وهل ينتسب طبيب العيون وطبيب الصدر الا الى الطب ؟

وفي أسبانيا يعتقد كاخيكال Cagical أن التربية البدنية والرياضة ،أنما هما صنوان من شجرة واحدة هي الحركة ، وهذا هو وجه التماثل ، وان اتخذنا مسارين مختلفين فالتربية البدنية تنجو الى تنمية الشخصية الانسانية ، بينما الرياضة تعبير بسيط عن فرد أو مجموعة افراد.

وفي معرض الرد على هذا الرأي ، فأننا نتساءل ألا تنمي الرياضة الشخصية الانسانية ، وهل تعوق التربية البدنية الفرد عن التعبير عن نفسه ؟

وفي معرض تمييزه بين الرياضة البدنية أوضح جيلية Gillet أن الفرق بين الاثنتين يتمثل في أن التربية البدنية تتحرر من المنافسة وتعمد الى تقليلها الى أدنى حد،كما يتطلب تنفيذ البرامج استخدام طرق نظامية وبيداجوجية تتيح لكل فرد أن يشارك في ضوء قدراته،بينما نجد أن الرياضة تتأسس بشكل جوهري على الاختيار ،وحية الفرد في التفضيل بين ألوان النشاط الرياضي التنافسى.

وفي ألمانيا يتلاقى علم الرياضة مع المادة التقليدية (الثقافة البدنية)من حيث الأهداف والمحتوى ،وذلك في مجمل الممارسات التربوية التى تندرج تحت مسمى (فن تدريس الرياضة)،وبالألمانية Sport Pedagogik ،ولا يتعلق الامر هنا بتحويل التربية البدنية الى ممارسة فنية رياضية Technico sportive,وإنما يتعلق أساسا باستعادة ما هو نافع من الرياضة وللرياضة ،في سبيل استعارة كل الثراء البشري الأصيل المتضمن في التربية البدنية كنشاط انسانى.

وفي مصر والعالم العربي يختلف مفهوم التربية البدنية قليلا عن مفهوم الرياضة، ذلك أن الأول معنى بالوضع التربوي أو المدرسي إن شئنا الدقة، بينما الثاني معنى بالمنافسة والمسابقات، ولأن المسابقات الرياضية المدرسية من الأمور التي لا تلقى الأهتمام الكبير من المسؤلين- كما في الولايات المتحده مثلآ – فأنه من الصعب تصور وجود رياضي فاعل في المدرسة العربية ، وكلا المفهومين محاط بقدر كبير من سوء الفهم فضلآ عن سوء تقدير وتهوين واضح من قدرهما في الأوساط الأكاديمية ،وهو أمر يبدو طبيعيا في دول العالم التالت،إلا أن هناك جهودا للأكاديمين من أبناء التربية البدنية يكافحون في سبيل تحسين الصورة وإصلاح المفاهيم والربط بين الرياضة والتربية البدنية ،وساعد على ذلك تأسيس الدراسات العليا، وإشراك علماء وباحثي التربية البدنية في القضايا العلمية والمنهجية المتصلة بالرياضة والمنتخبات القومية والمؤسسات الرسمية المنظمة للرياضة العربية كاللجان الأوليمبية والإتحادات الرياضية الأهلية والعربية.

ويؤكد فاندرزواج Vanderzwaag أنه إذا ما توصلنا إلى العوامل التي تجمع بين الرياضة والتربية البدنية سنجدها أكثر بكثير من ذلك التي تفرق بينهما،وأنه من المنطقي أن تضع حدا للتخبط والحيرة التي تشغل العاملين في المجال من جراء التفريق بين المفهومين، فبالرغم من كل شىء هناك أرضية مشتركة تجمع بين المفهومين تتمثل في البرامج البدنية، فالذي يشعر بحيرة وإرتباك بين المفهومين عليه أن ينظر إلى العلاقة التاريخية بين مفهومي الرياضة والتربية البدنية والتي ترجع إلى أزمان بعيدة ، وقد يبدو للوهلة الأولى أن مفهوم الرياضة أقدم ، إلا أنه حتى هذه الحقيقة يشكك فيها بعض المؤرخين.

إغلاق
error: Content is protected !!