مقدمة
خلق الله -سبحانه وتعالى- هذه الدُنيا، وجملها وكملها، وجعلنا على هذه الأرض نسير حسب أسس وقواعد تنص عليها الآيات القرآنية، والأحاديث الشريفة، وجميع هذه القواعد، والقوانين، والأسس التي وضعها الله لنا هي لصالح الإنسان، ولو تأملنا قليلاً في جميع ما خلق الله لنا والقوانين التي وضعها، والأسس، لوجدنا أن جميع هذه الأشياء تُحافظ وتُهذب من أخلاق الإنسان المُسلم، وتحميه، وتعصمه من الأخطاء، والشوائب، فهي تماماً كالمصفاة، التي تُنقي الإنسان، فالإسلام هو النقاء والصفاء، وهُناك أركان للإسلام وهُناك ضوابط وروابط وضعها الإسلام لنا؛ لتجنب المعاصي والأخطاء، وأحد أهم هذه الضوابط، والأركان هي الصيام، وسنتحدث عن الصيام في موضوعنا هذا وسنتحدث عن فوائده، وخاصة فوائد صيام النوافل كصيام يوم الإثنين، والخميس، كما كان يفعل الرسول -صلَّ الله عليه وسلم-.
الصيام
لُغة هو الإمساك، وشرعاً هو أحد أركان الإسلام، وهو أحد أهم العبادات التي أمرنا الله بها، وهي الإمساك عن كُل ما يجعلك تُفطر، وذلك من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، ويتوجب عليك أن تنوي الصوم، كصيام شهر رمضان، أو صيام النوافل، أو صيام يوم عرفة، وصيام شهر رمضان هو واجب، وما عداه فهو فرض بالإجماع كصيام النوافل والست أيام البيض، الصوم المنهي عنه هو صيام يوم الشك، ويُحرم الصيام في أول أيام الأعياد، ويُشترط في الصيام النية.
إقرأ أيضا:الحفاظ على الوزن في رمضانأدلة على الصيام
قال -صلَّ الله عليه وسلم- في الصحيحين: “بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً”.
قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز في سورة البقرة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.
فضل صيام يوم الإثنين والخميس
تُعتبر الحكمة من تفضيل صيام يومي الإثنين والخميس عن باقي الأيام، هي أن هذان اليومان تُعرض فيهما الأعمال على الله، لذلك كان الرسول- صلَّ الله عليه وسلم-، يصوم في هذان اليومان، وكما جاء برهان على ذلك ما رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلَّ الله عليه وسلم- قال: ” تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم”، ويَكفي الإنسان المُسلم فخراً أن يتبع الرسول في جميع أعماله، فاتباع السنة انه لأمر في قمة الروعة، والحكمة والموعظة، ولذلك فإن أفضل الأيام للصيام همَّ يومي الإثنين والخميس.
إقرأ أيضا:قصة الصحابي سعد بن عبيد الانصاريفوائد الصيام الصحية
“صوموا تصحوا” وهذه أفضل العبارات التي يُمكننا أن نقولها قبل أن نتحدث عن فوائد الصيام وهي كالآتي:
الوقاية من الأورام .
الوقاية من مرض السكر.
يُعتبر بمثابة نظام غذائي مُمتاز، ويعمل على التخسيس.
يعمل على زيادة مناعة الجلد، ويُقاوم الميكروبات والأمراض المُعدية الجرثومية.
الحد من مشاكل البشرة الذهنية، والتخفيف من أمراض الحساسية.
تقليل إفرازات الأمعاء للسموم .
يُساعد في علاج الصدفية.
الوقاية من داء الملوك “النقرس”.
الوقاية من الجلطة الدماغية والقلبية.
يُعالج آلام المفاصل.
شروط صحة الصيام
الإسلام، أن يكون الإنسان الذي سوف يصوم مُسلم.
الطهارة من الحيض والنفاس.
النية، فشرط أساسي من شروط صحة الصيام أن تكون النية موجودة من قبل، فجميع العبادات والأفعال تكون بالنية.
التمييز.
أن يصوم في الوقت الذي يكون فيه الصيام، على سبيل المثال عدم الصيام في المساء، أو أول أيام العيد.
شروط الصيام
أن يكون الإنسان قد بلغ سن البلوغ.
أن يكون الإنسان عاقل، ومُتزن.
أن يكون الإنسان مُسلم.
مُبطلات الصيام
عند صيام الإنسان المُسلم في شهر رمضان، أو في صيام النوافل هُناك عدة مُبطلات تجعل الصيام باطلاً، ولا صحة له وهي:
إقرأ أيضا:اول من خط بالقلمالأكل، أو الشرب عمداً .
الجماع في وقت الصيام.
خروج المني من الرجل بالمُباشرة بشهوة، وليس في حالة الاحتلام، لأن الرجل في حالة الاحتلام يخرج المني رغماً عنه، فلا يبطل صومه.
خروج دم الحيض، والنفاس لدى السيدات.
يبطل الصيام في حالات الولادة.
القيئ المُتعمد.
الجنون، حتى وإن طرأ على الصائم ولو للحظة.
الإغماء، حتى وإن حدث الإغماء طيلة النهار.
شرب المُسكرات أثناء الصيام.
الكُفر بالله عز وجل.
التدخين.
رُخص للصائم تُبيح له الإفطار
نعم، هُناك رُخصة للصائم بالإفطار لكن في حالات خاصة فقط وهي:
في حالة المرض: إذا أصاب الصائم مرض شديد في وقت صومه وخاف من زيادة حالته سوء إن لم يفطر، فيتوجب عليه أن يُفطر بالحال.
في حالة السفر: وجب الإفطار للصائم في حالات السفر الطويل، والشاق، وخاصة للمرضى الذين يُعانون من أمراض مُزمنة.
في حالة الحيض والنفاس: وجب على المرأة الحائض، وفي حالات النفاس أن تفطر على الفور.
في حالة الحمل والرضاعة: في حالة الحمل قد يحدث ضرر لحالة الجنين إذا بقيت الأم صائمة، حينها يتوجب على الأم أن تفطر في الحال، وأيضاً في فترة الرضاعة، إذا كان الصيام يُقلل من الحليب لتغذية الطفل ويُتعب الأم، فيجب على الأم أن تُفطر في هذه الحالة، بشرط أن تَقضي الأيام التي سوف تتراكم عليها، أو أن تُخرج فدية.
في حالة كبر السن : عندما يُصبح الإنسان كبيراً في السن ويُصبح غير قادر على الصيام، وتحمل المشقة والتعب يحل له أن يُفطر.
في حالة العمل الشاق: عندما لا يجد الصائم سبيلاً أخر للرزق سوى العمل الشاق كالعمل بالمناجم، أو الأعمال الشاقة جداً، فله أن يُفطر بكل أريحية لكن في حالة عدم المقدرة فقط، وهذه رخصة من رب العالمين، لكن عليك أن تَصوم في حالة عدم وجود عمل كيوم جمعة مثلاً، ويتوجب عليه القضاء فقط.
بعد أن عرفنا الكثير عن الصيام، نجد أن الصيام هو درهم وقاية للإنسان المُسلم، وهو الحصن الذي يجعله يتجه الاتجاه السليم، ويجعله يغض من بصره، ويحصن فرجه، ويهذب النفس ويحفظها، وبعد أن وصلنا إلى هذه الزاوية نستطيع أن نقول أن للصيام فوائد جمة وكثيرة، وأن الله –سبحانه وتعالى- كتب على أمة النبي-صلى الله عليه وسلم- لداع ولسبب، ولم يكن هباءً منثورا، ففي الصيام الصحة والعافية وفي الصيام الأجر والثواب، وفي الصيام الصبر والجلد، وكذلك حفظ وصون النفس، فضلا عن انه علاج لكثير من الامراض، وشفاء من السمنة، لذا حري بنا –نحن المسلمين أن نطبق شرع الله وأن نستن بسنن المصطفى –عليه الصلاة والسلام-.