هذه الصحابية الجليلة ابنة الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص الأموي رضي الله عنهما، والذي تناولنا سيرته من قبل، وهي مشهورة بكنيتها أمة بنت خالد، وامها أمينة بنت خلف من خزاعة.
وكانت أم خالد رضي الله عنها قد ولدت في الحبشة، وحين قدمت الى المدينة مع والديها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت رضي الله عنها حديثة السن.
تزوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: انّ لكل نبي حواريّ، و حواريّ الزبير بن العوام.
كانت رضي الله عنها قد تعلمت لسان الحبشة ولغتها، وولدت للزبير رضي الله عنهما عمرا وخالدا.
لقد كانت رضي الله قد نالت شرف ايصال سلام الى النبي صلى الله عليه وسلم من النجاشي رضي الله عنه، حيث وهم يصعدون الى السفينة عائدين الى المدينة سمعته رضي الله عنه يقول: أقرئوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام- وقد أدّت الأمانة.
وقد روى عنها الرواة سبع أحاديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمدّها الله بالعمر المديد الى سن الثمانين عاما.
ومن الأحاديث التي روتها أم خالد رضي الله عنها، أنها قالت: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها حميصة سوداء صغيرة، فقال: من ترون أكسو هذه؟ فسكت القوم، فقال: ائتوني بأم خالد! فأتي بها تحمل، فأخذ الخميصة بيده فألبسنيها، وقال: أبلي وأخلقي، وكان فيها علم أخضر أو اصفر، فقال: يا أم خالد! هذا سناء- ومعنى سناء بالحبشية: الحسن الجميل.
ويروى أيضا عن أم خالد رضي الله عنها أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعليّ قميص أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنة سنة (أي بلغة الحبشة حسنة حسنة)فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي (نهرني وزجرني) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعها، ثم قال: أبلي وأخلقي، ثمّ أبلي وأخلقي.
وموقف أم خالد رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنها كانت صغيرة السن عندما لعبت بخاتم النبوة، ويدل على تواضع وحلم النبي صلى الله عليه وسلم، وصدق الله العظيم اذ يقول: وانك لعلى خلق عظيم.
ويقول اسحاق: حدثتني امرأة من أهلي أنها رأته على أم خالد، أي عاش الثوب الذي ألبسها اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم زمنا طويلا ببركة دعاءه عليه الصلاة والسلام لأم خالد رضي الله عنه ب أبلي وأخلقي.
ويروى موسى بن عقبة عنها رضي الله عنهما فيقول: سمعت أم خالد بنت خالد، تقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتعوّذ من عذاب القبر.
ولم تعش امرأة كما عاشت أم خالد رضي الله عنها ودليل ذلك ادراك موسى بن عقبة رحمه الله لها، حيث لم يلق من الصحابة رضي الله عنهم جميعا غيرها.
فرضي الله عن السيدة أم خالد وصلى الله وسلم وبارك على من رباها