لا تسألي من كان قد وهبا | في الحب تبر طفولة وصبا |
مازال رغم حريقه مطراً | يستنبت الرّيحان والعنبا |
وُشِمت جوارحه بمن سكنت | قلباً أناب لنبضه الأدبا |
أسرى به والعشق هودجه | ماضٍ يطلّ على غد حدبا |
أولست ناعوراً لجدوله | ولسمطه الياقوت والذهبا؟ |
في أقحوانك من مدامعه | دفء ونفح غالب الحجبا |
أفتسألين سواه؟ أين هوى | ينسي العيون الجفن والهدبا؟ |
تنأى به الأحلام فهو على | وجد يؤمّل منك مقتربا |
يقفو دجاك بشمس مقلته | لو أن قنديل المساء خبا |
ويرش رملك من ندى دمه | ثمل وغير هواك ما شربا |
صدقتْ ثمالته وقد كذبت | كاساته، ورحيقه كذبا |
أيقظت في الطفل الألوف منى | هرمت ونبعاً كان قد نضبا |
ياويحه ـ الطفل الألوف ـ أما | خبر الهوى وهماً ومنقلباً؟ |
نكثت به الأحلام فانتبذت | جفنيه لمّا أدمن الوصبا |
ويحي عليك.. عليّ.. أيّ هوى | هذا الذي صرنا له حطبا؟ |
فضح الهوى سرّي ووطّنني | كهفاً مع البلوى ومغتربا |
وأذلّ قيثاري فما عرفت | أوتاره في غربة طربا |
ويحي عليّ.. نزفت أزمنتي | مستسهلاً في الحب ما صعبا |
عجباً عليّ! أكلّما وهنت | روحي أزيد صبابة؟ عجباً! |
جحد الحبيب فقلت: ذا زعلٌ | وقسا فقلت: مسامح عتبا |
ندمى فنسترضي يداً غرستْ | نصل الجفاء وأوهنت عصبا |
ولقد نرى لنزيفنا سبباً | وجحود من خذل المنى سبباً |
مولاي ياقلبي.. أمن حجر | ترجو لعشب ظامئ سُحُبا؟ |
خمسون ـ أو كادت ـ وما برحتْ | سفني تصارع مزبداً لجبا |
خمسون ـ أو كادت ـ ولا مطر | عذب يضاحك متعباً تربا |
خمسون ـ أو كادت ـ لفرط ضنى | أمسيت أحسب يومها حقبا |
خمسون! يوهن عزمها وجع | في الروح أنّ الحتم قد قربا |
خمسون ـ أو كادت ـ ولا أمل | لي بالرجوع لمعشر وربى |
لـ«سماوة» شغف الفؤاد بها | فاختارها لرفيفه نسبا |
فأردّ عن أمي وقد عميت | ليلاً عصيّ الصبح مضطربا |
ولنخلة «البرحيّ» تطعمنا | ظلاً بصحن «الحوش» والرّطبا |
كنّا ـ لفرط الود ـ نحسبها | حرزاً وناطوراً ونبع صبا |
حتى كأن عذوقها نفر | منا.. ونحسب خوصها طنبا |
مازلت أذكر عش فاختة | فيها وفرخاً آمن اللعبا |
ما حالها بعدي؟ وهل عبثت | أيدٍ بعش يحضن الزغبا؟ |
للطين ـ وهو دمى طفولتنا | ليت «السماوة» تتقن الهربا |
بيني وبين ضحى شواطئها | شبر ـ زماناً ـ ليته احتجبا |
فيحاء لولا أنّ طاغية | ألقى على بستانها الجربا |
فتوسّدت صخراً وما التحفت | إلاّ صديد القيح والسّغبا |
رغَّبت نفسي عن «سماوتها | لكنما القلب العنيد أبى |
جفّ النداء على فمي ومشى | تعب بعكاز المنى فكبا |
تلهو الرياح بجفن أشرعتي | وتغلّ دون الطالب الطّلبا |
الذكريات؟ تزيدني وجعاً | ولقد تؤجج زفرة لهبا! |
أشياء لا أغلى! تذكّرني | بغد قتيل أو رماد صبا |
نبشت سويعات مجنّحة | عمري فألفت صرحه خربا |
ماذا سيبقى من حدائقه | إن كان زهر شبابه احتطبا؟ |
سكب النوى عمري فلا عبقا | أبقى بكأس القلب أو حببا |
كتب الهوى أن يستباح غدي | باسم المنى.. يانِعم ما كتبا!
إقرأ أيضا:أضواء على الشعائر الحسينية
|