طفلي في شهره الثامن عشر

اليقظة

يتسم الطفل بسنّ ثمانية عشر شهراً بحشريّة كبيرة ويتسلل إلى كل نواحي المنزل. فلن يتمكّن من مقاومة فتح أي باب أو درج. فهو يرغب في اكتشاف العالم الذي يحيط به حتى وتطلّب الأمر أن يدفع الأغراض ويشدها ويتسلّق على بعضها… يعرف خير المعرفة ما يتطلّبه هذا الأمر ولن يردعه رادع. وعندما لا يصل إلى ما يريده، سيغضب غضباً عارماً. وفي أحيان ما قد يصل به الأمر عندما يكون غاضباً إلى العضّ أو ضرب رفاقه أو حتى ضربك أنتِ. هذا أمر طبيعي لكن لا تسمحي بردود الفعل “العنيفة” هذه.

اشرحي للطفل أنه من حقّه أن يكون غاضباً لكن لا يحق له أن يعضّ أو يضرب. لذا عندما يكون غاضباً، حاولي ألا توليه اهتماماً كبيراً فهذه هي الوسيلة المثلى لعدم تشجيعه على تكرار هذا السلوك. اتركيه وحده في الغرفة واهتمي بمشاغلك. بعد مرور بضعة دقائق، ستعود الأمور إلى نصابها.

من المؤكّد أن استقلاليّة طفلك قد ازدادت منذ أن بدأ يمشي. لكنه لا يزال بحاجة إليك. ما من فائدة في أن تبقي في الغرفة نفسها معه ولكن احرصي على ألا تكوني بعيدة جداً. ليس من النادر أن يتوقّف الطفل عما يفعله ليتأكّد من أن أهله لا يزالون بالقرب منه. إنه لا يزال بحاجة إلى أن تطمئنيه. يتألّف الأمان العاطفيّ بكل تأكيد من الاهتمام والحنان اللذين تحيطه بهما، وكذلك بالحدود التي تفرضينها عليها وبإيقاع الحياة المنتظم الذي تفرضينه عليه. يشعر الولد بالأمان عند تناول الطعام والاغتسال والنوم في الساعة نفسها كل يوم.

تعتبر ساعة الخلود إلى النوم لحظة مهمّة. يجب أن تولي هذا الأمر قدراً وافياً من الوقت، اخبريه قصّة وتكلّمي معه عن يومه وقبّليه… يتمثّل الأمر المثاليّ في إقامة مجموعات نشاطات تكررينها يوميّاً.

يجب اجتياز مرحلتَين مهمتَين في الأشهر التالية.

أولاً ستتطوّر لغة الطفل. وتدريجيّاً سيزداد عدد المفردات التي يعرفها ويبدأ بتركيب كلماته. من المهم أن تكلميه بشكل صحيح لأن عمليّة تعلّم اللغة هي عمليّة تقليد. واعلمي أيضاً أن تقدّم طفل ما قد يختلف كثيراً عن طفل آخر. لذا لا تخافي إن كان طفلك لا يتكلم كثيرًا بعد. تستأثر كلمة “لا” بحيز كبير من اهتمامه وسيستخدمها بوتيرة كبيرة. إنها طريقته الخاصة ليؤكد أنه فرد مختلف عن أهله.

تعتبر النظافة أيضاً مرحلة مهمّة. يمكنكِ من الآن فصاعداً تحضيره لهذه المرحلة. في سنّ الثمانية عشر شهراً، يبلغ الطفل النضج الجسديّ والفكريّ الكافي لفهم ما تطلبينه منه. ضعي نونيّة قريبة منه (في المرحاض وليس في وسط الصالون)، وعلميه التخلي عن الحفاضة تدريجيّاً. أجلسيه على النونيّة عندما يقترب الوقت الذي يقضي فيه حاجته عادة. إن لم يحصل أي شيء لا تتركيه على النونيّة، فهذا الأمر ليس مهماً. وإذا نجح في ذلك، شجعيه ولكن بدون أن تفرطي في الأمر. لا تفرغي النونيّة من محتواها مباشرة لأنه سيخاف من رؤيتك ترمين “جزءاً منه” في المرحاض. إذا رفض الطفل استعمال النونيّة فلا تجبريه، فمن المرجح ألا يكون جاهزاً بعد لفعل ذلك. أعيدي وضع الحفاضة وانتظري بضعة أسابيع وكرري المحاولة.

ونذكر من ضمن النشاطات التي قد تروق لطفلك في هذه السن الرسم. أعطيه أقلام حبريّة مخصّصة لعمره وسيقدّم لك بكل فرح تحفاً فنيّة رائعة. وفي سنّ الثمانية عشر شهراً، يرغب الطفل أيضاً باللعببالكتب، وكذلك سرد القصص. ويبقى اللعب بالماء والتراب والرمل مصدر متعة مهمّة بالنسبة إليه.