الأدب العربي

قصيدة ” أجارتنا ما بالهوان خفاء” لبشار بن برد

قصيدة ” أجارتنا ما بالهوان خفاء” لبشار بن برد

أجارتنا ما بالْهوان خفاءُ ولا دُون شخْصي يوْم رُحْتُ عطاءُ
أَحِنُّ لِمَا أَلْقَى وإِنْ جئْتُ زائراً دُفعتُ كأنِّي والعدوّ سواءُ
ومَنَّيْتِنَا جُودا وفيكِ تثاقل وشَتَّانَ أَهلُ الجُودِ والْبُخَلاءَ
على وجهِ معروفِ الكريمِ بشاشة ٌ ولَيْسَ لِمَعْرُوفِ الْبَخِيلِ بَهَاء
كأنَّ الذي يأتيكَ منْ راحتيهما عروسٌ عليها الدُّرُّ والنُّفساء
وقد لمتُ نفسي في الرباب فسامحتْ مرَارا ولكن في الفؤاد عِصاء
تحمَّلَ والي «أمِّ بكر» من اللوى وفارق من يهوى وبُتَّ رجاء
فأصبحت مخلوعاً وأصبح … بأيدي الأعادي، والبلاء بلاء
خفيت لعينٍ من ” ضنينة َ” ساعفتْ وما كان منِّي للحبيب خَفَاء
وآخر عهد لي بها يوم أقبلت تهادى عليها قرقر ورداء
عشية قامت بالوصيد تعرضا وقام نساء دونها وإماء
من البِيضِ مِعْلاقُ القُلوبِ كأنَّما جرى بالرُّقى في عينها لَكَ ماء
إِذا أسفرت طاب النعيم بوجهها وشبه لي أن المضيق فضاء
مريضة ُ مابيْن الجوانح بالصِّبا وفيها دواءٌ للْقُلُوبِ وداء
فقلتُ لقبٍ جاثمٍ في ضميره ودائعُ حبٍّ ما لهنَّ دواءُ:
تعزَّ عن الحوراء إنَّ عداتها وقدْ نزلتْ «بالزَّابِيَيْنِ» لفاءُ
يمُوتُ الهوى حَتَّى كأنْ لَمْ يَكُنْ هوًى وليس لما استبقيتُ منكَ بقاء
وكيْف تُرجِّي أُمَّ بكْرٍ بعيدة ً وقدْ كنت تُجفى والبيوتُ رئاء
أبي شادنٌ ” بالزَّابيينِ” لقاءنا وأكْثرُ حاجات المُحبِّ لقاء
فأصْبحْتُ أرْضَى أنْ أعلَّلَ بالمُنى وما كان لي لوْلاَ النَّوالُ حَزاء
فيا كبداً فيها من الشوق قرحة ٌ وليْس لها ممَّا تُحبُّ شِفاء
خَلا هَمُّ منْ لا يَتْبعُ اللَّهْوَ والصِّبَا وما لهُموم العاشقين خلاء
تَمَنَّيْت أنْ تَلْقَى الرَّباب ورُبَّما تَمَنَّى الفَتَى أمراً وفيه شَقَاء
لَعَمْرُ أَبِيها ما جَزَتْنَا بِنائلٍ وما كان منْها بالوفاءِ وَفاءُ
وخيرُ خليليك الَّذي في لقائه رواحٌ وفيه حين شطَّ غناءُ
وما القُرْبُ إِلاَّ لْلمقرِّب نفْسَهُ ولو ولدتهُ جرهمٌ وصلاءُ
ولا خيرَ في ودِّ امرئ متصنِّعٍ بما ليْس فيه، والْوِدادُ صفاء
سَأعْتِبُ خُلاَّني وأعْذِرُ صاحبي بما غلبتهُ النَّفسُ والغلواءُ
وما ليَ لا أعفُو وإِنْ كان ساءَني ونفْسي بمَا تَجْنِي يَدَايَ تُسَاء
عتابُ الفتى في كلِّ يومٍ بليَّة ٌ وتقويمُ أضغانِ النِّساء عناء
صبرتُ على الجلَّى ولستُ بصابرٍ علَى مجْلسٍ فيه عليَّ زِرَاء
وإِنِّي لأَستَبْقِي بِحِلْمي مودَّتِي وعندي لذي الدَّاء الملحِّ دواءُ
قطعْتُ مِراءَ الْقوْمِ يوْم مهايلٍ بقوْلي وما بعْد الْبَيَان مِرَاءُ
وقدْ عَلِمَتْ عَلْيَا رَبيعَة َ أنَّني إذا السَّيفُ أكدى كانَ فيَّ مضاءُ
تركتُ ابنَ نهيا بعدَ طولِ هديرهِ مصيخاً كأنَّ الأرضَ منهُ خلاءُ
وما راحَ مثلي في العقاب ولا غدا لمستكبرٍ في ناظريه عداءُ
تزلُّ القوافي عنْ لساني كأنَّها حُماتُ الأَفَاعي ريقُهُنَّ قَضَاء

إقرأ أيضا:قصيدة “خذوا بدمي ذات الوشاح” ليزيد بن معاوية
السابق
قصيدة ثمن قصَائدي
التالي
قصيدة حبك طير أخضر