عاش المسلمون قبل الهجرة النّبويّة الشّريفة إلى المدينة حياةً مليئة بالأذى والتّضييق عليهم في معاشهم وعقيدتهم من قبل كفّار قريش، وقد عذّب الكثير منهم وتعرّضوا للضّغوطات والإكراه حتّى يعودوا عن دينهم، وقد ضرب الصّحابة والمسلمون الأوائل أروع النّماذج في الصّبر والتّحمل على الشّدّة.
وفي ظلّ هذا الابتلاء الرّهيب أعزّ الله الدين بإسلام عددٍ من الرّجال الذين استقوى المسلون بهم في دعوتهم وهم: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وسيّد الشّهداء، ثمّ عمر بن الخطّاب الفاروق رضي الله عنه، وفي هذه الفترة لم يؤمر النّبي عليه الصّلاة والسّلام والمؤمنون بالقتال بل أمروا بالدّعوة ونشر قيم الإسلام والثّبات على الحقّ حتّى يأتيهم أمر الله تعالى، وبعد أن أمر الله سبحانه نبيّه والمسلمون بالهجرة إلى المدينة المنوّرة لتأسيس نواة الدّولة الإسلاميّة الأولى وحينئذٍ نزلت آياتٌ كريمة أذنت للمسلمين بالقتال لدفع عدوان المعتدين ونصرة الدّين، قال تعالى (أذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلاّ أن يقولوا ربّنا الله ) .
وقد حدثت في هذه المرحلة المهمّة في تاريخ الدّولة الإسلاميّة عددٌ من الغزوات والمعارك، كما كان فيها عددٌ من السّرايا وقد بلغت هذه الغزوات ما يقارب تسعة وعشرين غزوة كانت منها تسعة فقط حدث فيها قتال واشتباك بين معسكر الإيمان والكفر، كما كانت تلك الغزوات محصورةً ما بين السّنة الثّانية والتّاسعة للهجرة وكان أغلبها في السّنة الثّانية.
إقرأ أيضا:دعاء بالشفاءوقد فرّق العلماء ما بين الغزوة والمعركة؛ فالغزوة هي التي شارك بها النّبي عليه الصّلاة والسّلام بنفسه، والمعركة هي التي لم يشارك فيها النّبي الكريم وإنّما انتدب غيره من الصّحابة لقيادتها، وقد بلغ عدد السّرايا ما يقارب ثمانية وعشرين سريّة كانت مهمّتها الأساسيّة الاستطلاع وجمع المعلومات والرّصد ضمن سياسة عسكريّة غاية في الدّقة والإتقان هدفت إلى الذّود عن حياض الدّولة الإسلاميّة وكفّ العدوان والأذى عن المسلمين .
ومن بين هذه الغزوات كانت غزوة بدر الكبرى؛ حيث سطّر فيها المسلمون ملاحم البطولة والفداء وانتصروا على جيش يفوقهم عددًا وعتادًا وكانت في السّنة الثّانية للهجرة، وفي السّنة الثّالثة للهجرة كذلك حصلت معركة أحد التي شكّلت منعطفًا مهمًا في حياة المسلمين؛ حيث أعطت دروسًا في وجوب الطّاعة للقائد ولزوم أمره وإلا حصل الفشل وذهاب الرّيح والقوّة، وفي السّنة الخامسة للهجرة حصلت معركة الخندق أو الأحزاب حيث ردّ الله بفضله عن المسلمين أذى المعتدين وكفى المسلمين شرّ القتال .
إقرأ أيضا:افضل الأدعية والآيات القرآنية لتيسير الزواج