أسلاميات

السلف في الاسلام

السلف في الاسلام

حكم السلم (السلف)

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد تحدثنا في الحلقات الماضية عن بعض الأنواع من البيوع الجاهلية التي قد جاء الإسلام بتحريمها، ومنها بيع الكلاب، وكسب البغي وهي الزانية، وثمن الدم، ثم تحدثنا عن حكم حلوان الكاهن

وفي هذه الحلقة فإننا سوف نتحدث بإذن الله تعالى عن حكم السلم.

أخرج البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما (واللفظ للبخاري) عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثَّمَرِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ أَوْ قَالَ عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً – شَكَّ إِسْمَاعِيلُ – فَقَالَ: “مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ”.

وَالسَّلَم بِفَتْحَتَيْنِ: السَّلَف وَزْنًا وَمَعْنًى. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ السَّلَف لُغَة أَهْل الْعِرَاق وَالسَّلَم لُغَة أَهْل الْحِجَاز, وَقِيلَ السَّلَف تَقْدِيم رَأْس الْمَال وَالسَّلَم تَسْلِيمه فِي الْمَجْلِس. فَالسَّلَف أَعَمّ. وَالسَّلَم شَرْعًا: بَيْع مَوْصُوف فِي الذِّمَّة, وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى مَشْرُوعِيَّته إِلا مَا حُكِيَ عَن ابْن الْمُسَيِّب. وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْض شُرُوطه. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَشْتَرِط لَهُ مَا يَشْتَرِط لِلْبَيْعِ, وَعَلَى تَسْلِيم رَأْس الْمَال فِي الْمَجْلِس. وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ عَقْد غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ أَمْ لا؟

فالسلم شرعاً: هو بيع شيء موصوف في الذمة بلفظ السلم أو السلف، وهو نوع من ‏البيوع، وهو مستثنى من بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان، وذلك لحاجة الناس إلى مثل ‏هذا العقد.

إقرأ أيضا:حكمة في الحياة

وصورته أن يدفع رجل مبلغ ألف دينار مثلاً ثمناً لمئة .

قنطار من القمح يسلِّمها له المزارع عندما ينضج القمح ويحصده، ويكون عادة ثمن القنطار أقل من ثمنه المتوقع عند حصد الزرع.

وَقَوْل الإمام البخاري رحمه الله: “بَاب السَّلَم فِي كَيْل مَعْلُوم” أَيْ فِيمَا يُكَال, وَاشْتِرَاط تَعْيِين الْكَيْل فِيمَا يُسْلَم فِيهِ مِن الْمَكِيل مُتَّفَق عَلَيْهِ مِنْ أَجْل اِخْتِلاف الْمَكَايِيل, إِلا أَنْ لا يَكُون فِي الْبَلَد سِوَى كَيْل وَاحِد فَإِنَّهُ يَنْصَرِف إِلَيْهِ عِنْد الإِطْلاق.

‏والحكمة من مشروعية السلم مع أن فيه بيع الشخص لما ليس عنده هي: التيسير على ‏الناس ومراعاة أحوالهم وحوائجهم، وذلك لأن أصحاب الصناعات والأعمال وكذلك ‏أصحاب الأراضي والأشجار ونحوهم، كثيراً ما يحتاجون إلى النقود من أجل تأمين السلع ‏الأولية لمنتجاتهم، أو تهيئة الآلات والأدوات لمصانعهم، وكذلك الزراع ربما احتاجوا للنقود ‏من أجل رعاية أراضيهم وحفظ بساتينهم، وقد لا يجد هؤلاء النقود بطريقة أخرى فيسر ‏الشرع الحكيم لهم أن يسلفوا على أساس أن يسددوا ذلك من منتجاتهم من زرع أو ثمر أو ‏سلع أو نحو ذلك.

إقرأ أيضا:حديث شريف عن الصدق

وماهية هذا العقد تتم عندما توجد أركانه الأربعة التي هي: عاقدان ‏وصيغة ورأس مال السلم، والمسلم فيه.‏

السابق
السمان المشوي بالروزماري والليمون
التالي
القدرة على التخيّل التفاعلي: الشفاء باستخدام الخيال