زكاة الفطر سؤال وجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
صدقة الفطر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
فهذه بعض المسائل في صدقة الفطر جعلتها على شكل سؤال وجواب أرجو من الله تعالى التوفيق والسداد
سؤال : ماهي صدقة الفطر ؟
الجواب : هي الصدقة التي تؤدى في شهر رمضان و َيُقَالُ لَهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ ، وَيُقَالُ لَهَا الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَوْ الْخِلْقَةِ فَتَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ زَكَاةُ الْخِلْقَةِ ، وَالْفِطْرَةُ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ بَلْ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ ، وَالْمُعَرَّبَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الْأَعْجَمِيَّةُ الَّتِي اسْتَعْمَلَتْهَا الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَتْ لَهُ عِنْدَ الْعَجَمِ ، وَفُرِضَتْ فِي ثَانِيَةِ الْهِجْرَةِ سَنَةَ فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ ، وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهَا لِتَكُونَ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَلِلرِّفْقِ بِالْفُقَرَاءِ فِي إغْنَائِهِمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وهي زكاة في رمضان . والدليل: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : كُنَّا نُعْطِي زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ* } .
سؤال : هل يمكن تحديد وقت إخراج زكاة الفطر ؟
الجواب : لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد ، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان ، وهو أول ليلة من شهر شوال ، وينتهي بصلاة العيد ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بإخراجها قبل الصلاة ، ولما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ” ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه بن عمر – رضي الله عنهما – قال : ( فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صدقة الفطر من رمضان .. ) ، وقال في آخره ( وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين ) . فمن أخرها عن وقتها فقد أثم وعليه أن يتوب من تأخيره ، وأن يخرجها للفقراء .
سؤال ما حكم زكاة الفطر ؟
الجواب : هي على مذهبين .
المذهب الأول : واجبة وإليه ذهب السادة المالكية و الشافعية و الحنابلة . واستدلوا بما يلي : حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ فابن عمر يقول فرض ولم يقل سنها فيدل على أن زكاة الفطر هي فرض وواجبة على ما ذكر من حر وعبد وذكر وأنثى من المسلمين .
المذهب الثاني : وقالوا هي سنة وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى . واحتجوا بما روى قيس بن سعد أنه قال (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصيام يوم عاشوراء فلما فرض رمضان لم نؤمر به ولم ننه عنه ونحن نفعله )) . قالوا : فدل على أنها سنة وليس فرضا . ويرد عليهم أن ابن عمر يقول فرض وأنتم تقولون سنة وشيء آخر حديث إن الشيء إذا ثبت وجوبه لم يسقط إلا بالنسخ والأمر الأول كاف في الوجوب ما لم ينسخ وتكرار الأمر بالشيء ليس بشرط في استقرار الواجب .
سؤال : هل نخرج زكاة الفطر عن الصغير والكبير ؟
الجواب : نعم كما ورد في كتاب الزكاة للإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين، حر أو عبد. أو رجل أو امرأة. صغير أو كبير.
سؤال : ماهو المقدار الواجب إخراجه هل هو المال أم الأعيان من قمح ورز وتمر وغيرها ؟
الجواب : اتفق العلماء جميعا على إخراج الواجب المنصوص عليه من الشرع الشريف فلو أخرج ما نص عليه الشرع فإنه قد وفى بما أمر به ولكنهم اختلفوا في إخراج قيمة الواجب المأمور به على مذهبين :
المذهب الأول : عدم جواز إخراج القيمة إلا للضرورة وعليه مذهب بعض المالكية والشافعية والحنابلة في أظهر الروايتين. وأدلتهم : أولا : ما روى عن سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن وقال له : (( خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر ))
فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم يصرح لسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه أن يأخذ الحب من الحب والشاه من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر ولم يقل له خذ القيمة فلا يجوز عند ذلك الذهاب إلى القيمة لنص الحديث .
ثانيا : واحتجوا كذلك بما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : (( أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر صاعا من تمر أو صاع من شعير )) . فهنا النبي صلى الله عليه وسلم يحدد قدر الزكاة ويصرح أنها صاع من تمر أو شعير ولم يذكر القيمة فلو أن القيمة جائزة لذكرها في معرض كلامه صلى الله عليه وسلم ولا سيما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ عن ربه ما ينفعنا وما ييسر علينا .
وأما المذهب الثاني : فذهبوا إلى جواز أخذ القيمة والتحول من الواجب إلى البدل في زكاة الفطر وإلى هذا ذهب الإمام الأعظم أبو حنيفة وبعض المالكية والإمام أحمد في رواية وذهب بعض المالكية إلى إن الواجب إن كان غير النقد فيجوز إخراج قيمته نقدا وأما إذا كان الواجب نقدا فإنه لا يجوز إخراج غيره عنه .
واستدلوا بما يلي : أولا : ما أجيب عنه بأدلة أصحاب المذهب الأول السالف الذكر .
ثانيا : قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ويؤخذ منه أن المنصوص هي الصدقة وكل جنس يأخذه فهو صدقة . ويرد عليه : أن الصدقة هنا ما يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ليكفر عن المسيء وليس المقصود بها الزكاة .
ثالثا : واستدلوا بما روي عن طاووس أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لأهل اليمن : ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الذرة والشعير أهون عليكم و خير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة )) . ويستدل بهذا الحديث على جواز أخذ القيمة في الزكاة ومعنى الحديث اعطوني الثياب بدل الحبوب التي وجبت عليكم . ويعترض عليه بأن طاووس لم يلق معاذا رضي الله عنه .
رابعا : واستدلوا كذلك بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه كانا يأخذان في الجزية القيمة فإن عمر كان يأخذ الماشية وعلي كان يأخذ الحبال والإبر مع علمهما أن المنصوص عليه هو النقد والطعام فكأنهما قاسا الزكاة على الجزية .