قصة إسلامه
لم تذكر المراجع أية تفاصيل عن حياة شهر بن باذام، ولكن ذكرت قصة إسلام أبيه باذام، والتي من خلالها عرفنا أن باذام قد أسلم وأن رسول الله استعمل (شهر) على اليمن بعد وفاة أبيه، ولكن متى كان إسلام شهر بن باذام؟ وكيف حدث ذلك؟ وهل كان بالغًا وقت إسلام أبيه أم هل كان طفلاً فنشأ مسلمًا؟ وهل قابل النبي أم لا؟ كل هذه التساؤلات لم نجد لها إجابة في كتب السيرة أو كتب التاريخ.
وقد أوردنا قصة إسلام أبيه، فهي القصة الوحيدة التي ذكر فيها استعمال النبي لشهر بعد وفاته؛ كتب (كسرى) إلى عامله على اليمن وكان اسمه باذام: أما بعد، فإذا جاءك كتابي هذا فابعث من قبلك أميرين إلى هذا الرجل الذي بجزيرة العرب الذي يزعم أنه نبي، فابعثه إليَّ في جامعة. فلما جاء الكتاب إلى باذام، بعث من عنده أميرين عاقلين وقال: اذهبا إلى هذا الرجل فانظرا ما هو، فإن كان كاذبًا فخذاه في جامعة حتى تذهبا به إلى كسرى، وإن كان غير ذلك فارجعا إليَّ فاخبراني ما هو حتى أنظر في أمره. فقدما على رسول الله إلى المدينة، فوجداه على أسد الأحوال وأرشدها، ورأيا منه أمورًا عجيبة يطول ذكرها، ومكثا عنده شهرًا حتى بلغا ما جاءا له، ثم تقاضاه الجواب بعد ذلك فقال لهما: “ارجعا إلى صاحبكما، فأخبراه أن ربي قد قتل الليلة ربه”. فأرَّخا ذلك عندهما، ثم رجعا سريعًا إلى اليمن فأخبرا باذام بما قال لهما، فقال: احصوا تلك الليلة، فإن ظهر الأمر كما قال فهو نبي. فجاءت الكتب من عند ملكهم أنه قد قتل كسرى في ليلة كذا وكذا لتلك الليلة، وكان قد قتله بنوه؛ ولهذا قال بعض الشعراء:
إقرأ أيضا:تكبيرات الحجوكسرى إذ تقاسمه بنـوه *** بأسياف كما اقتسم اللحام
تمخضت المنون له بيـوم *** أنى ولكـل حاملـة تمـام
وقام بالملك بعده ولده يزدجرد، وكتب إلى باذام أن خذ لي البيعة من قبلك، واعمد إلى ذلك الرجل فلا تهنه وأكرمه، فدخل الإسلام في قلب باذام وذريته من أبناء فارس ممن باليمن، وبعث إلى رسول الله بإسلامه، فبعث إليه رسول الله بنيابة اليمن بكمالها فلم يعزله عنها حتى مات، فلما مات استناب ابنه شهر بن باذام على صنعاء وبعض مخاليف، وبعث طائفة من أصحابه نوابًا على مخاليف أخر، فبعث أولاً في سنة عشر عليًّا وخالدًا، ثم أرسل معاذًا وأبا موسى الأشعري، وفرق عمالة اليمن بين جماعة من الصحابة، فمنهم شهر بن باذام وعامر بن شهر الهمذاني[1].
الوفاة
خرج الأسود العنسي واسمه عبهلة بن كعب بن غوث من بلد يقال لها كهف حنان في سبعمائة مقاتل، وكتب إلى عمال النبي : أيها المتمردون علينا، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا، ووفروا ما جمعتم، فنحن أولى به وأنتم على ما أنتم عليه. ثم ركب فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه، ثم قصد إلى صنعاء فخرج إليه شهر بن باذام فتقاتلا فغلبه الأسود وقتله، وكسر جيشه من الأبناء، واحتل بلدة صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه[2].
إقرأ أيضا:قصة أبي أمامة الباهلي[1] ابن كثير: البداية والنهاية 6/306.
[2] المصدر السابق 6/307.