الأدب العربي

قصيدة ” هذا هو اسمي” للشاعر أدونيس

قصيدة ” هذا هو اسمي” للشاعر أدونيس

ماحيًا كل حكمةٍ هذه ناريَ

لم تبقَ – آيةٌ – دميَ الآيةُ

هذا بدْئي

دخلتُ إلى حوضكِ أرضٌ تدور حوليَ

أعضاؤكِ نيلٌ يجري

طَفَونا ترسَّبْنا

تقاطعتِ في دمي قطعَتْ صدركِ أمواجيَ

انْهصرتِ لنبْدأ: نسيَ الحبُّ شفرَةَ الليل هل

أصرخُ أنَّ الطوفان يأتي? لِنبْدأ: صرخةٌ

تعرج المدينةَ والناسُ مرايا تمشي إذا عبَر الملحُ

التقينا هل أنتِ?

– حبِّيَ جرحٌ

جسديَ وردةٌ على الجرح لا يُقطَفُ إلاّ موتًا. دمي

غُصُنٌ أسلم أوراقَه استقرَّ…

هل الصخرُ جوابٌ? هل موتكِ السيدُ النائم

يُغْوي? عندي لثدييكِ هالاتُ وَلوعٍ لوجهك الطفل

وجهٌ مثلهُ… أنتِ? لم أجدكِ.

وهذا لهبي مَاحيًا

دخلتُ إلى حوضكِ عندي مدينةٌ تحت

أحزانيَ عندي ما يجعل الغُصنَ الأخضرَ ليلاً

والشمسَ عاشقةً سوداءَ عندي…

تقدَّموا فقراءَ الأرض غطّوا هذا الزّمان بأسمالٍ

ودمْعٍ غطّوهُ بالجسد الباحث عن دفئِه… المدينةُ

أقواسُ جُنونٍ رأيتُ أن تلدَ الثورة أبناءَها, قبرت

ملايين الأغاني وجئتُ (هل أنتِ في قبريَ)? هاتي

ألمسْ يديكِ اتبعيني.

زَمني لم يجىءْ ومقبرة العالم جاءت عندي

إقرأ أيضا:قصيدة ” ليلى المؤنسة ” قيس بن الملوح

لكل السلاطين رمادٌ هاتي يديك اتبعيني…

قادِرٌ أن أغيِّر: لغْمُ الحضارة – هذا هو اسْمي.

… وقفت خطوة الحياة على باب كتابٍ محوته

بسؤالاتِيَ ماذا أرى? أرى ورقًا قيل استراحت فيه

الحضارات (هل تعرف نارًا تبكي?) أرى المئة اثنين

أرى المسجدَ الكنيسةَ سيّافيْن والأرض وردةً.

طار في وجهيَ نَسْرٌ

قدَّستُ رائحة الفوضى

ليأت الوقتُ الحزين لتستَيْقِظْ شعوب اللهيب

والرَّفض

صحرائيَ تنمو أحببتُ صفصافةً تحتارُ

بُرْجًا يتيهُ مِئْذنةً تهرمُ أحببتُ شارعًاصَفَّ لبنانُ

عليه أمعاءَهُ في رسومٍ ومرايا وفي تمائِمَ

قلتُ الآن أُعطي نفسي لهاوية الجنس وأعطي

للنار فاتحة العالم قلتُ استَقِرَّ كالرمح يا نيرون

في جبهة الخليقةِ روما كلُّ بيتٍ روما التخيُّل

والواقع روما مدينةُ الله والتاريخ قلتُ استقرَّ

كالرمح يا نيرونُ…

لم آكل العيشَّة غير الرّملِ, جوعي يدورُ كالأرضِ

أحجارٌ قصورٌ هياكلٌ أتهجّاها كخبزٍ رأيت

في دميَ الثالثِ عينيْ مُسافرٍ مزج الناس بأمواج

حلمِه الأبديِّ

حاملاً شعلةَ المسافات في عَقْلٍ نبيٍّ وفي دمٍ وَحْشيِّ.

… وعليٌّ رَمَوْهُ في الجبِّ غَطُّوهُ بقشٍّ والشمس

تحمل قتلاها وتمضي هل يعرف الضوءُ

إقرأ أيضا:قصيدة ماذا

في أرض عليٍّ طريقَهُ? هل يُلاقينا? سمعنا دمًا

رأينا أنينًا.

سنقول الحقيقة: هذي بلادٌ

رفعت فخذَها

رايةً…

سنقول الحقيقة: ليست بلادًا

هي إصطبلنا القمريّ

هي عُكَّازة السّلاطين سجَّادةُ النبيّ

سنقول البساطة: في الكون شيءٌ يسمّى

الحضور وشيءٌ

يُسمى

الغيابَ نقول الحقيقةَ:

نحن الغيابْ

لم تلدنا سماءٌ لم يلدنا ترابْ

إننا زَبدٌ يتبخَّرُ من نَهَرِ الكلماتِ

صدأٌ في السماء وأفلاكها

صدَأُ في الحياةِ!

السابق
قصيدة نهر الأحزان
التالي
قصيدة هي