الانسان السعيد يعتني بصحته و يأكل جيداً و ينظم إيقاعه اليومي و يتجنب كل ما هو مضرٌ بالصحة. اما الانسان الذي تصاحبه التعاسة فهو عكس ذلك ٫ فلذلك ليس من المستغرب ان تكون مناعة الانسان السعيد أفضل بكثير من الغير السعيد.
و هناك أيضاً الجانب الاقتصادي فالذي حالته المادية تتميز باليسر دون العسر تراه اقل عرضةً للاكتئاب و القلق و شعوره بألامان و الاستقرار اكثر بكثير. لذلك ترى ان مؤشرات الصحة الجسدية تتناسب طردياً مع المؤشرات الاقتصادية للإنسان.
و هناك جانبٌ اخر بالإضافة الى أعلاه و هو ان الانسان المتردية صحته لسبب او اخر نصيبه من الرفاهية و السعادة اقل من غيره. هذه العوامل جميعها قد تجتمع في اَي عينة بشرية عند دراسة العلاقة بين السعادة و المناعة ضد الأمراض. و لكن هل هناك علاقة مباشرة بين الشعور بالسعادة و المناعة ضد الامراض؟
المناعة و السعادة
سبب الحديث عن علاقة المناعة بالسعادة هذا الشهر مصدره دراسة من جامعة نوتنغهام في وسط شرق إنكلترا. مناطق بريطانيا الوسطى لها تاريخها مع الثورة الصناعية و هي مناطق عمالية اقل رفاهية من جنوب البلاد و لذلك لا يتوقع احد بان يكون مؤشر السعادة فيها عالياً. من جانب اخر فان الجامعة التي صدر منها البحث واحدة من ارقى جامعات أوربا.
إقرأ أيضا:اضطرابات المزاج والمرأةدرس الباحثون عينة بشرية تعدادها ١٣٨ مواطناً بين عمر ٦٥ الى ٨٥ عاماً و حرصوا على التدوين الدقيق لمختلف المؤشرات الطبية و الاجتماعية و الشخصية. استلمت العينة لقاح الانفلونزا و تم مراقبة تغذيتهم و نشاطهم و حالتهم النفسية على مدى ٦أسابيع. بعد ١٦ أسبوعاً تم قياس رد الفعل المناعي للقاح الانفلونزا . تم بعد ذلك دراسة قوة رد فعل الجسم المناعي للقاح و علاقته بجميع العوامل و كانت النتيجة قاطعة و هي ان رد الفعل المناعي يتناسب طردياً مع مؤشر السعادة. لم يتم العثور على اَي عامل اخر.
بالطبع مثل هذه الدراسة تثير اهتمام المجتمع و رجال السياسة اكثر من اهتمام الأطباء و المؤسسات الصحية. مهمة المؤسسات الصحية هو علاج الانسان المريض جسدياً او نفسياً٫ و لكن مهمة رجال الدولة مساندة المواطن معنوياً و اقتصادياً و دفعه من قاع اليأس الى سطح السعادة.
و لكن الدراسات بحد ذاتها لا تخلوا من نقاط ضعف تعرضها للانتقاد. مهما كانت قوة النتائج فان العينة صغيرة و ربما النتائج قد تكون اقل اثارة مع عينة كبيرة.
فرضية المناعة و السعادة
العلاقة العكسية بين مختلف الأمراض النفسية و الجسدية و المناعة يعود تاريخها الى منتصف القرن العشرين. الغالبية العظمى من الأمراض اكثر انتشاراً مع تردي المستوى الاقتصادي و الاجتماعي للفرد. هذه العلاقة ربما قد تكون علاقة غير مباشرة او مباشرة٫ و لكن السيطرة على مختلف العوامل تحت البحث لا يخلوا من الصعوبة.
إقرأ أيضا:كيف تتخلص من النسيان وعدم التركيزلكن الدراسات الحديثة تشير الي ان هناك علاقة مباشرة بين العزلة و عدم السعادة و المناعة ضد الأمراض. هذه الدرسات تشير الى ان جينات الانسان التي تحفز مناعته ضد الفيروسات اكثر تطوراً و تحفيزاً بسبب وجود الانسان مع مجموعة بشرية منذ القدم. اما الجينات التي تحفز مناعته ضد البكتريا فهي اكثر تحفيزاً مع عزلته و ابتعاده عن اقرانه بسبب عدم سعادته. الجينات الأخيرة تحفز العمالية الالتهابية الذاتي و هذه بدورها تؤدي الى الإصابة بمختلف الأمراض الغير معدية.
إقرأ أيضا:كيفية تقدير الذاترغم كل الفرضيات و البحوث العلمية التي يمكن بالسهولة انتقادها هناك حقيقة لا تخفى على من يعمل في مجال الصحة النفسية و هو عن متوسط عمر الانسان المصاب بالاكتئاب و القلق اقل من غيره بما يقارب ٨ أعوام و البعض منهم يودع الحياة باختياره و قبل ان يداهمه المرض الذي يقضي عليه.