الطلاق المعلق بنوعيه لا يقع فيه شيء إلا إذا قصد به الطلاق. والنوعان المقصودان هما إذا كان التعليق على صفة وحصل الشرط الذي علق عليه الطلاق كأن يقول الزوج إن خرجت من المنزل فأنت طالق أو إذا كان التعليق بمعنى اليمين والحث على الفعل أو الترك. … وقد أخذ القانون بالرأي القائل بإلغاء اليمين الطلاق.
الطلاق هو حل عقد الزوجية بين الرجل والمرأة، والطلاق وإن كان لا يقع إلاّ عند الغضب غالباً إلا أنه ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول منجّز يقع حالاً بمجرد التلفظ به بشروطه المعروفة بين العلماء، كأن يصدر ممن يملك الطلاق في حق من يقع عليها الطلاق، ويكون بلفظ الماضي، ومن غير قيد.
أما القسم الثاني فهو الطلاق المعلّق، ومعناه أن يكون مقيداً بشرط، وهذا النوع من الطلاق اختلف فيه الفقهاء إلى ثلاثة
أقوال:
١- مذهب جمهور الفقهاء الأربعة بأن الطلاق المعلّق على شرط، يقع متى حصل من المرأة الزوجة ما علق عليه الطلاق، من غير أن يكون محتاجاً إلى نية الزوج المطلق، كأن يقول لها «إن ذهبت إلى بيت أهلك بدون إذني فأنت طالق». فإذا ذهبت إلى بيت أهلها بدون إذنه تطلق في الحال، لأنها ارتكبت ما نهاها عنه.
يقول الأحناف: وإذا أضافه (أي الطلاق) إلى شرط وقع عقيب الشرط، مثل أن يقول لامرأته «إن دخلت الدار فأنت طالق» فإن الطلاق يقع إذا دخلت الدار (انظر حاشية ابن عابدين ج٣ ص ٣٧٤).
ويقول المالكية: «لا اختلاف بين العلماء، أن الرجل لو حلف بطلاق امرأته على نفسه أو على غيره أن يفعل فعلاً أو لا يفعله أن اليمين لازمة له، وأن الطلاق واقع عليه في زوجته إذا حنث في يمينه، لأن الحالف بالطلاق ألاّ يفعل شيئاً أو أن يفعله، إنما هو مطلق على صفة، فإذا وجدت الصفة التي علق بها طلاق امرأته لزمه ذلك». (انظر الشرح الكبير للدردير ج٢ ص ٣٨٩).
ويقول الشافعية «إذا علق الطلاق بشرط لا يستحيل كدخول الدار ومجيء الشهر تعلق به، فإذا وجد الشرط وقع الطلاق، وإذا لم يوجد لم يقع». (انظر المهذب للشيرازي مع شرحه المجموع للنووي ج ١٧ ص ١٥٢).
ويقول ابن قدامة من الحنابلة «وكلها (أي أدوات الشرط التي ذكرها) إذا كانت مثبتة ثبت حكمها عند وجود شرطها فإذا قال «إن قمت فأنت طالق» فقامت طلقت وانحل شرطه». (انظر الشرح الكبير لابن قدامة ج٨ ص ٤٢٠).
ويستدل جمهور المذاهب الأربعة بأحاديث مثل الحديث الذي يقول «طلق رجل امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بتّت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء» (رواه البخاري).
٢- مذهب ابن حزم الظاهري أن الطلاق المعلق إذا وجد المعلق عليه لا يقع أصلاً سواء أكان على وجه اليمين أم لم يكن كذلك.
واستدل بأن اليمين لا يكون إلا بالله، فإذا كان هذا يميناً، فإن الله تعالى لم يوجب كفارة في غير يمين به، فلماذا يقع الطلاق هنا؟ واستدل بالحديث «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (انظر المحلى ج٨ ص ٦ وما بعدها).
٣- مذهب جماعة من العلماء أمثال ابن تيمية وابن القيم، أن الطلاق المعلق يعتبر طلاقاً إذا قصد به الطلاق، ولكن لو قصد به الحث أو المنع أو التهديد فإنه عندئذ يعد يميناً، وعليه كفارة القسم، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ومن لم يجد أياً من الثلاثة، كان عليه أن يصوم ثلاثة أيام.
وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات بهذا القول، فلا يقع الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه، ولا الطلاق بالحنث بيمين الطلاق ولا بالطلاق المتكرر، إلاّ إذا قصد به الطلاق (انظر قانون الأحوال الشخصية المادة رقم ١٠٣).
ثم إن التراجع عن الطلاق المعلق من المسائل الخلافية بين العلماء، وفيه أقوال ثلاثة أيضاً:
١- جمهور العلماء أنه لا يمكن التراجع، لأن الطلاق المنجز لزمه عندما تلفظ به، فكذلك الطلاق المعلق.
٢- يجوز له التراجع عند بعض الحنابلة.
٣- يجوز له التراجع عند ابن تيمية إذا كان التعليق من باب المعاوضة مثل: «إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق» فله الرجوع ما لم تعطه.