كيف يرتبط سعر النفط والدولار الأمريكي من حيث القيمة السعرية

كيف يرتبط سعر النفط والدولار الأمريكي من حيث القيمة السعرية

تأخذ العلاقة بين سعر النفط والدولار الأمريكي أشكالا مختلفة في الاقتصاد العالمي، ويتم تسعير النفط الخام بالدولار الأمريكي في جميع أنحاء العالم، وبالتالي تتأثر أسعار النفط بشكل واضح بقيمة الدولار الأمريكي، فهل يتأثر الدولار بسعر النفط عالميا؟.

يعتبر سعر النفط والدولار من أهم المؤشرات التي يتم التداول عليها في أسواق البورصة العالمية، وبما أن سعر برميل النفط يتم تحديده باستخدام الدولار الأمريكي، فإن هناك علاقة بين هذين الأخيرين لا بُدَّ من دراستها.

هل يؤثر انخفاض سعر النفط على قيمة الدولار؟

يعتبر انخفاض أسعار النفط حاليا أحد ضحايا أزمة الكورونا العالمية، هذا الانخفاض تجلى بشكل واضح جدا في انخفاض قياسي لأسعار عقود النفط المستقبلية الأمريكية US Oil Crude. هذا الانخفاض بالأسعار هو نتيجة طبيعية لانخفاض الطلب على المنتج النفطي الأمريكي، وذلك نتيجة انخفاض استهلاك الوقود داخل الولايات المتحدة الأمريكية، و زيادة كميات التخزين الاحتياطي لمستويات قياسية.

يتزامن انخفاض الطلب على الوقود مع حالة جمود و حظر للحركة على مستوى العالم من ناحية، و ارتفاع قياسي في حجم الدين الحكومي الأمريكي من ناحية ثانية. طبعا هذا الدين هو نتيجة استمرار الحكومة في دعم الاقتصاد بشكل مكثف على الصعيد الفردي (تعويضات بطالة أو عطالة موقتة عن العمل)، أو على الصعيد التجاري (قروض للشركات المتعثرة). مثلا، نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي في أمريكا (حاليا 106٪؜) مقارنة بـ 86٪ في بريطانيا؜، و 62٪؜ ألمانيًا .

و مع ذلك كله فهذا لا يعني أن الدولار سيفقد مكانته كعملة عالمية حاليا، و ذلك لأسباب عديدة من بينها السيولة الكبيرة جدا لسندات الخزينة الأمريكية، بالإضافة للقبول العالمي اللامحدود للدولار الأمريكي كعملة مقبولة للتداول.

و لكن من الملاحظ بالفترة الأخيرة، أن هناك مخاوف عالمية من مستويات الدين العام الأمريكية سابقة الذكر. المخاوف تتجسد بشكل واضح من إطالة الأزمة الحالية و ما قد ينتج عنها من انخفاض قياسي في مستويات أداء الشركات، و دخل الأفراد و بالتالي الضرائب.

هذا قد يؤدي إلى أن يضطر البنك الفدرالي الأمريكي للتدخل بشكل كبير لتمويل عمليات الحكومة (قد ينتج عن ذلك زيادة غير مرغوبة في معدلات التضخم و بالتالي يفقد سوق السندات الأمريكي جاذبيته العالمية)، و بالتالي فعلى المستوى البعيد قد يتأثر سعر الدولار بشكل كبير (قد ينخفض الدولار أمام العملات الأجنبية خاصة أمام العملة الأوروبية و حتى الصينية).

في بداية الأمر قد يتوجه المستثمرين إلى السندات الأوربية Eurobond، أو بشكل واضح كما نرى حاليا باتجاه شراء الذهب (أسعار الذهب بارتفاع مستمر من فترة ليست بالبعيدة)، و هذا قد يعني تحول عالمي للطلب على الدولار كعملة عالمية، ما قد يؤدي إلى انخفاض في سعر العملة الأمريكية أمام العملات العالمية الأخرى.

كل هذا التحليل يبقى رهن استمرارية الأزمة العالمية الحالية، و التطورات المستمرة في المجال الصحي قد تعجل أو تؤجل لأجل غير مسمى التحولات سابقة الذكر .

العلاقة بين سعر النفط والدولار

أحيانا يعتبر أحد أسباب ارتفاع أسعار النفط هو الانخفاض بقيمة الدولار الأمريكي، فعندما تكون قيمة الدولار الأمريكي مرتفعة، يكون هناك انخفاض بالقيمة الشرائية لبرميل النفط أي انخفاض بسعره.

وعند حدوث انخفاض بقيمة الدولار الأمريكي، يكون سعر برميل النفط أعلى من حيث عدد الدولارت اللازمة لشراء برميل واحد.

وفي هذه الحالة يمكن القول أن سعر النفط يرتبط عكسياً بقيمة الدولار الأمريكي.

وتتعرض البلدان التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط الخام لأضرار اقتصادية، أكثر من تلك التي لديها موارد أكثر تنوعاً، حيث أن انخفاض أسعار النفط يؤدي إلى انخفاض عوائد مبيعات النفط بالنسبة لهذه الدول، بينما الدول التي تعتمد على بيع منتجات غير نفطية لا تتعرض لهزات اقتصادية إذا انخفض سعر النفط.

عند انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، يتم تقليل عائدات الدول المصدرة للنفط إلى حد ما، وخاصة تلك التي تكون عملاتها المحلية مرتبطة بالدولار الأمريكي.

وهذا يؤدي إلى تدهور شروط التبادل التجاري، لأنه يجب عليهم تصدير المزيد من وحدات النفط الخام للحصول على نفس كميات المنتجات المستوردة قبل انخفاض قيمة الدولار الأمريكي.

ولذلك تميل البلدان المصدرة للنفط إلى الحفاظ على أسعار النفط مرتفعة بقدر يتناسب مع انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، وتخفيف الخسائر في عائدات النفط.

أبرمت الولايات المتحدة الأمريكية بعد انهيار معيار بريتون وودز للذهب في أوائل السبعينيات، صفقة مع المملكة العربية السعودية لتوحيد أسعار النفط بالدولار.

وولد نظام البترودولار من خلال هذه الصفقة وهو مصطلح اقتصادي لوصف قيمة النفط المشترى بالدولار الأمريكي، إلى جانب التحول عن أسعار الصرف المرتبطة والعملات المدعومة بالذهب إلى أنظمة أسعار عائمة غير مدعومة.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً مستوردة للنفط، وكان ارتفاع أسعار النفط يتسبب في ارتفاع العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة، حيث يلزم إرسال المزيد من الدولارات إلى الخارج للشراء.

إلا أن ثورة النفط الصخري الأمريكي حالت دون ذلك، حيث أدت إلى زيادة إنتاج البترول (الصخري) المحلي بشكل كبير، وأصبحت الولايات المتحدة المصدر الصافي للمنتجات البترولية المكررة في عام 2011.

وهي الآن ثالث أكبر منتج للنفط الخام بعد المملكة العربية السعودية وروسيا.

ومع زيادة صادرات النفط الأمريكية، انخفضت وارداتها من النفط، ولم يعد ارتفاع أسعار النفط يساهم في ارتفاع العجز التجاري للولايات المتحدة الأمريكية.

ولعبت العائدات من النفط دوراً أكبر في الاقتصاد الأمريكي، وذلك مع استمرار الولايات المتحدة في زيادة حصة صادرات النفط على الواردات.

قد تكون العلاقة طردية بين سعر النفط والدولار

وقد تتحول في بعض الأحيان العلاقة العكسية بين سعر النفط والدولار الأمريكي إلى علاقة طردية، حيث يرتفع سعرَي برميل النفط والدولار الأمريكي معاً وينخفض معاً.

على الرغم من أن ذلك نادر الحدوث وحدوثه يستمر لفترة قصيرة من الزمن، إلا أنه ممكن الحدوث.

فمثلاً عند حدوث أزمات سياسية أو عسكرية في الدول المنتجة للنفط، يؤدي ذلك إلى انخفاض في إنتاج النفط وبالتالي ارتفاع في سعره.

وقد تتوافق تلك الفترة مع حدوث أزمات في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا، وبالتالي تقوم برفع سعر عملتها إلى اقصى حد لتتمكن من التغلب على تلك الأزمات.

وبالتالي يتوافق ارتفاع سعر البرميل من النفط مع ارتفاع سعر الدولار، وذلك يكون لفترة مؤقتة فقط.

فإن العلاقة العكسية القوية تاريخياً بين سعر النفط والدولار الأمريكي أصبحت غير مستقرة، وضعيفة الارتباط مؤخراً.

وإن فهم الأسباب التي أدت لهذه النتيجة، يمكن أن يساعد التجار على اتخاذ قرارات تداول أكثر استنارة مع استمرار الاقتصاد العالمي في التطور.

إغلاق
error: Content is protected !!