الأسباب المؤدية لحدوث آلام الظهر: وطرق التشخيص والعلاج

الأسباب المؤدية لحدوث آلام الظهر: وطرق التشخيص والعلاج

آلام الظهر هي واحدة من أكثر الشكاوى شيوعاً لدى جميع الأشخاص ممن هم في سن العمل، وكبار السن، أو حتى الذين يعانون من بعض الأمراض التي تنتج عنها هذه الآلام.

ازداد عدد الأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر بشكل كبير في السنوات والعقود الأخيرة بشكل ملحوظ، فتجد هناك الكثير من التساؤلات والاستفسارات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الآلام، وكيفية علاجها والوقاية منها.

دعنا في هذا المقال نضيء فكرك ونطلعك على كل ما تريد معرفته حول هذه الظاهرة المرضية المزعجة:

 

أقسام العمود الفقري للإنسان

يمثل العمود الفقري الدعامة الرئيسية لجسم الإنسان، فهو يحمل وزن الرأس والجذع والذراعين، ويتكون من 33-34 فقرة متصلة بأقراص (مفاصل غضروفية) فيما بينها، وبفضل هذا الاتصال، يمكن أن تتحرك الفقرات بسهولة بالنسبة لبعضها البعض.

وبشكل عام، تقسم فقرات العمود الفقري إلى خمس مناطق رئيسية تتمثل بالفقرات الرقبية وعددها 7 فقرات ويكون انحناءها نحو الأمام، والفقرات الصدرية وعددها 12 فقرة ويكون انحناءها نحو الخلف، والفقرات القطنية وعددها 5 فقرات ويكون انحناءها نحو الأمام بجهة انحناء الفقرات الرقبية.

بالإضافة إلى فقرات العجز والعصعص اللذان هما جزءان خاصان من العمود الفقري، حيث يتكون العجز من خمسة فقرات منصهرة معاً، بينما العصعص الذي يقع أسفل العجز فهو ينتج عن اندماج الفقرات الأربع السفلية من العمود الفقري.

يمكن أن يتطور الألم في أي جزء من أجزاء العمود الفقري، ويحدث الألم الأكثر شيوعاً في العمود الفقري الرقبي والصدري والقطني.

أنواع آلام الظهر

تستمر آلام الظهر الحادة عادةً لمدة تصل إلى 12 أسبوع، وإذا استمر الألم لمدة تتأرجح بين 6 أسابيع إلى 12 أسبوع فيسمى بالألم دون الحاد، بينما الألم الذي يمتد لأكثر من 12 أسبوع فيسمى بالألم المزمن.

اعتماداً على معرفة بعض أسباب الألم، يمكننا التمييز بين نوعين:

  • آلام الظهر غير النوعية (غير المحددة): وتتمثل بعدم وجود حالة مرضية واضحة ومحددة مسببة للألم، قد تكون تشنجات عضلية أو نتيجة الإرهاق أو حركات ووضعيات غير صحيحة، أو حالات أخرى.
  • آلام الظهر النوعية (المحددة): تتمثل بوجود حالة مرضية ملموسة مثل حدوث بروز في القرص الغضروفي أو انزلاق غضروفي، أو حدوث التهاب في الفقرات، أو حالات أخرى.

أسباب حدوث آلام الظهر

هناك العديد من الحالات التي يمكن أن تسبب آلام الظهر الشديدة، والتي تتمثل بالمشاكل في العمود الفقري أو الجهاز العصبي أو العضلي في الجسم.

كما أن نمط الحياة الغير صحي، والضغط المستمر على العمود الفقري، والإصابات القوية، وأمراض الأنسجة الضامة الخلقية والمكتسبة نتيجة أمراض معينة، جميعها أسباب تؤدي إلى الشعور بآلام الشديدة في الظهر.

تضيق القناة الشوكية: يمكن أن تعاني فقرات العمود الفقري من الهشاشة في عظام الفقرة، أو الإصابة بالأمراض كالأورام السرطانية والسل.

تؤدي هذه الإصابات إلى حدوث تلف في الفقرات، ويمكن أن يحدث تضيق في ​​تجويف الثقب الفقري (التضيق الشوكي)، الذي يخرج منه الحزم العصبية التي تحمل الإشارات العصبية من النخاع الشوكي.

ويمكن أن يسبب هذا التضيق حدوث انضغاط لجذور الأعصاب الحسية في العمود الفقري، تترافق بآلام شديدة في الظهر مصحوبة بألم وضعف في الساقين، ويزداد عند المشي، والشعور بالخدر في الساقين أيضاً.

الجلوس بوضعيات غير صحيحة: غالباً ما تحدث آلام الظهر نتيجة العمل أو الدراسة لفترات طويلة بوضعيات غير صحيحة، إذ أن الجلوس لفترات طويلة في الوضع الخاطئ يؤدي إلى إرهاق عضلي مزمن وألم شديد في الظهر.

اضطرابات الجهاز العضلي: يمكن أن تحدث آلام الظهر نتيجة المجهود والضغط الشديد على العضلات الظهرية وعضلات الرقبة وأسفل الظهر، مما يؤدي إلى إصابتها بالتشنج، أو يحدث نتيجة التواء العضلات أو تمزق الأربطة والأنسجة، وغالباً ما يرتكز الشعور بالألم في هذه الحالة في منطقة حدوث التشنج، وقد يمتد إلى المنطقة المحيطة بها.

الأمراض الجسدية: يمكن أن تظهر أمراض الأعضاء الأخرى أيضاً كآلام في الظهر، وهو ما يسمى بآلام الظهر المنعكسة عن أمراض الأعضاء الداخلية كالقلب والرئتين والجهاز الهضمي والأعضاء التناسلية.

وينجم عن هذه الأمراض الجسدية بالإضافة إلى آلام الظهر، وجود اضطرابات أخرى، مثل حدوث مشاكل في الهضم، غثيان، قيء، وتغير لون البول عند وجود أمراض في الكلى.

وهناك العديد أيضاً من الأسباب التي تؤدي إلى آلام الظهر الشديدة، ومنها:

  • التهاب العظم والنخاع الشوكي في العمود الفقري.
  • فتق أو بروز في القرص الفقري (المفاصل الغضروفية).
  • إزاحة الفقرات بالنسبة لبعضها البعض.
  • أورام العمود الفقري والحبل الشوكي والجذور العصبية.
  • التشوهات الخلقية أو المكتسبة في العمود الفقري (التصلب الجانبي، انحراف العمود الفقري، فرط التصلب)، وما إلى ذلك.
  • الحمل عند النساء.

التشخيص

يبدأ تشخيص الحالة المرضية الكامنة وراء آلام الظهر بزيارة الطبيب المختص وإجراء كافة الفحوصات والتحاليل والصور الطبية اللازمة لمعرفة إن كان المريض يعاني من أمراض أو اضطرابات في الأعضاء الداخلية، أو أنه يعاني من اضطرابات في العمود الفقري.

هناك العديد من الطرق والتقنيات التي تساعد في تشخيص السبب وفق ما يلي:

الأشعة السينية: يسمح التصوير بالأشعة السينية للعمود الفقري في تقييم حالة الفقرات بشكل مفصل ودقيق، ويظهر إن كان هناك انزلاق غضروفي أو وجود تكلسات في الفقرات، أو مشاكل في الأقراص والأربطة الفقرية.

التصوير المقطعي المحوسب: أو ما يسمى التصوير الطبقي المحوري، هو نسخة متقدمة من التصوير بالأشعة السينية ويقدم معلومات أكثر تفصيلاً، ويسمح بالحصول على صور مقطعية (ما يسمى بالشرائح) للأوعية والأنسجة في المنطقة المراد فحصها.

التصوير بالرنين المغناطيسي: يسمح التصوير بالرنين المغناطيسي بتقييم صحة الأنسجة الرخوة في العمود الفقري، ويستخدم أيضاً لإنتاج صور للنخاع الشوكي.

الموجات فوق الصوتية: تستخدم الموجات فوق الصوتية بشكل أقل شيوعاً لتشخيص الأمراض الجسدية، تساعد الموجات فوق الصوتية على فحص حالة الأوعية الدموية والقلب، وكذلك الكلى.

مخطط كهربية القلب: يساعد مخطط كهربية القلب على التأكد من وجود احتشاء في عضلة القلب.

التنظير الداخلي: ييستخدم التنظير الداخلي لفحص المعدة والتحقق في حال وجود أمراض مشتبه فيها.

يمكن أن يحتاج الطبيب لبعض التحاليل المخبرية للمساعدة أيضاً في تشخيص الأسباب، ومنها:

  • تحليل البول العام لتقييم وظائف الكلى.
  • تحليل الكرياتينين أيضاً لتقييم عمل الكلى.
  • اختبار تعداد الدم الكامل الذي يساعد على اكتشاف وجود بؤر الالتهاب في الجسم أو تشخيص سرطان الدم.
  • تحليل الدم البيوكيميائي الذي يشمل التحقق من نسبة الكالسيوم للتأكد من وجود هشاشة في العظام.

وعادة ما يساعد تحديد منطقة تمركز الألم في الظهر، في تحديد الحالة المرضية للأعضاء الداخلية الموافقة، والتي يمكن أن تكون المسبب لهذه الآلام، وفق مايلي:

آلام الظهر عند مستوى الصدر بين الكتفين قد تشير إلى:

  • مشاكل في القلب، مثل حدوث ذبحة صدرية أو احتشاء عضلة القلب.
  • مشاكل في الأوعية الدموية، مثل تمدد الأوعية الدموية الأبهري الصدري، الانسداد الرئوي.
  • مشاكل في المريء أو المعدة، مثل التهاب المريء، الارتجاع المعدي المريئي، التهاب أو قرحة في المعدة.

آلام الظهر على مستوى الحواف السفلية للأضلاع قد تشير إلى:

  • مشاكل في الكلى، المغص الكلوي.
  • التهاب البنكرياس الحاد، مرض نخر البنكرياس.

آلام أسفل الظهر قد تشير إلى:

  • وجود حصى في الحالب.
  • التهاب القولون التقرحي.
  • التهاب أعضاء الحوض.

طرق علاج آلام الظهر

يعتمد علاج آلام الظهر على السبب الأساسي للحالة، فقد يتم الكشف عن وجود آفة خطيرة في النخاع الشوكي أو العمود الفقري، في هذه الحالة عادةً يطلب دخول المستشفى للفحص وتلقي والعلاج الشامل.

وقد يتم الكشف عن وجود أمراض في الأعضاء الداخلية والأوعية الدموية تسببت في آلام الظهر، في هذه الحالة يتم تلقي العلاج من قبل طبيب أخصائي مناسب للحالة.

وهناك بعض الأساليب والإجراءات لإدارة وعلاج المرض حتى للذين يعانون من ألم غير محددة الأسباب (غير نوعية)، وتشمل:

  • المراقبة من قبل الطبيب المختص وإجراء تقييم أسبوعي من خلال الفحص المستمر لتتبع تطور الألم أو زواله.
  • مراجعة الطبيب كل أربعة إلى ستة أسابيع للتحقق من فعالية الأدوية وتحسن الحالة المرضية.
  • استشارة الطبيب في حال عدم الشعور بالتحسن في غضون أربعة إلى ستة أسابيع لتعديل نوعية العلاج.
  • تجنب البقاء في الفراش لمدة زمنية طويلة، وضمان مستوى كاف من النشاط اليومي والتمارين الرياضية.

وبعض أنواع العلاج والأدوية لعلاج آلام  الظهر غير النوعية (غير المحددة)، تشمل مايلي:

التدليك: يمكن تدليك الظهر أو الرقبة إذا كان فقط الألم ناجم عن تشنج العضلات، إذ يمكن لحركات التدليك هذه أن تخفف من تشنج العضلات وانكماشها، وتنشط الدورة الدموية أيضاً مما يسهم في التخلص من الألم والشعور بالراحة.

مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية: توصف عادة مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية لعلاج ألام الظهر غير المحددة، والتي يمكن أخذها على شكل أبر حقن أو على شكل كبسولات أو أقراص، إذ يمكنها أن تقلل الالتهاب في منطقة العصب المضغوط وتجعل المريض يشعر بتحسن ملحوظ.

مرخيات العضلات: يتم وصف مرخيات العضلات في حال إصابة عضلات الظهر بالتشنج لكونها تساعد على استرخاء العضلات، يمكن استخدامها أيضاً لآلام الظهر الحادة الناجمة عن الضغط على الجذور العصبية، والحبل الشوكي، لتخفيف الألم.

البنزوديازيبينات: يتم وصف هذه النوعية من الأدوية الفعالة ذات التأثير النفسي في الحالات المرضية التي يهيمن عليها القلق والتوتر واضطرابات في النوم.

مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات: عند علاج حالات الألم المزمن، تكون مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات فعالة جداً،  ويمكنها التقليل بشكل فعال والحد من شدة الألم.

ويمكن استخدام الكورتيكوستيرويدات كأدوية أقوى مضادة للالتهابات، بالإضافة إلى ذلك، قد ينصح الطبيب بالأدوية التي تحمي الأنسجة العصبية، ومضادات الأكسدة، والفيتامينات.

طرق الوقاية من آلام الظهر

تمارين الظهر: يمكن لعضلات الجذع والظهر القوية أن تحمي العمود الفقري من الإجهاد الضار، وتقلل من احتمالية حدوث تشنج وألم، لذلك لمنع آلام الظهر قدر الإمكان يجب أن تقوم بتمارين منتظمة لتدريب عضلات ظهرك وتقويتها.

هناك العديد من تمارين القوة التي يمكنك دمجها بسهولة في روتينك اليومي بهدف تقوية عضلات الظهر، يجب مراجعة الطبيب المختص لمعرفة ما هي نوعية التمارين التي يجب إدراجها في نظامك.

ممارسة ثلاث جلسات من التمارين لمدة 20 دقيقة، مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، ستساعد في تحسين صحتك وتنشيط الدورة الدموية والتخلص من تشنج العضلات والحفاظ على قوتها، ويمكنك ممارسة رياضة السباحة والمشي وصعود السلالم أيضاً لتقوية عضلات الظهر.

رفع الأوزان بشكل صحيح: عند رفع وحمل الأوزان الثقيلة أثناء التمارين، عليك اتباع الطريقة الطبية الصحية التي تتمثل بالجلوس بوضع القرفصاء، وحملها بالقرب من الجسم قدر الإمكان وتجنب حملها بيد واحدة، وكذلك عليك تجنب الوضعيات الخاطئة التي تؤدي إلى إلحاق الأذى بعضلات الظهر وفقرات العمود الفقري.

التغذية المتوازنة: النظام الغذائي الصحي والمتوازن أفضل طريقة للحصول على عظام وعضلات قوية وسليمة، وأفضل طريقة لتعزيز صحة الجسم ودرء الأمراض التي تنتج عنها الآلام والأوجاع المختلفة، كما يساعد على التخلص من الوزن الزائد الذي وهو عبء إضافي ويسبب المزيد من الضغط على الظهر.

الجلوس بوضعية صحيحة أثناء العمل والدراسة: الجلوس بالوضعيات الصحيحة عامل مهم جداً لتفادي حدوث آلام الظهر الشديدة، استشر طبيبك لمعرفة المزيد حول الطرق السليمة للحفاظ على صحة ظهرك في العمل وخلال أنشطتك اليومية.

النوم الجيد: يقصد به اختيار الوسائد والفراش الصحية المتوسطة الصلابة لفقرات الظهر والرقبة، ويجب الامتناع عن الوسائد الصلبة لأنها تسبب التشنجات والألم.

إغلاق
error: Content is protected !!