التلاسيميا – Thalassaemia
المقدمة
التلاسيميا هو الإسم الذي يُطلق على مجموعة من الإضطرابات الدموية الوراثية التي تؤثر على قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم الحمراء.
خلايا الدم الحمراء
إنّ خلايا الدم الحمراء مهمة جداً لأنها تحمل بروتين يُدعى الهيموغلوبين عبر جميع أنحاء الجسم. ينقل الهيموغلوبين الأوكسجين من الرئتين إلى بقية أعضاء الجسم.
يُنتج الهيموغلوبين في نقي العظم (مادة إسفنجية موجودة داخل العظام الأكبر) باستخدام الحديد الذي يأخذه الجسم من الطعام.
لا تنتج العظام الهيموغلوبين في حالات التلاسيميا مما يُسبب فقر الدم وانخفاض القدرة على حمل الأكسجين. إذا لم يتلقَّ جسمك ما يكفي من الأوكسجين، سوف تشعر بالتعب، انقطاع النَّفَس، والنعاس والشحوب. يمكن أن تسبب أخطر أنواع التلاسيميا مضاعفات أخرى، بما في ذلك ضرر بالأعضاء، قصور بالنمو، مرض بالكبد، ذبحة قلبية وموت.
أنواع التلاسيميا
تحدث التلاسيميا بسبب تغيّرات (طفرات) في الجينات التي تصنع الهيموجلوبين.
يتكون الهيموغلوبين من سلاسل متطابقة من البروتينات (التي سُمّيت بعد إيجاد أبجدية الأحرف اليونانية). يحتاج الهيموجلوبين ليعمل بشكل سليم إلى سلسلتي بروتين ألفا وسلسلتي بروتين بيتا.
تسبّب الطفرة التي تؤثر على السلسلة ألفا مرض التلاسيميا ألفا، وتسبّب الطفرة التي تؤثر على السلسلة بيتا مرض التلاسيميا بيتا.
التلاسيميا ألفا
تُنتَج السلسلة ألفا من قبل أربعة مورثات، اثنتان على كل صبغي 16، وتتوقف شدة الحالة على عدد المورثات التي تعرضت للطفرات.
• إذا تحوّل جين واحد، يحدث تأثير ضئيل أو معدوم.
• إذا تحوّل اثنين من الجينات، قد يُوجد أعراض لفقر دم خفيف. تُعرف هذه الحالة كسمة التلاسيميا ألفا. إذا أنجب شخصين حاملين لسمة التلاسيميا ألفا طفلاً، هناك احتمال واحد من أربعة أن يرث الطفل أكثر أشكال التلاسيميا ألفا شدّة (انظر أدناه).
• إذا تحوّلت ثلاثة جينات، ستكون النتيجة حالة تسمى مرض الهيموغلوبين اتش. يعاني الناس المصابين بمرض الهيموغلوبين اتش بفقر دم طويل الأمد (مزمن)، وقد يتطلب عمليات نقل دم منتظمة.
• إذا تحوّلت كل الجينات الأربعة، ستكون النتيجة الإصابة بأكثر أشكال التلاسيميا ألفا شدّة والمعروف باسم التلاسيميا ألفا الكبرى. لا يستطيع الرضّع المصابون بهذه الحالة إنتاج الهيموغلوبين الطبيعي ومن غير المرجح استمرار الحمل. توجد حالات تم فيها علاج الأطفال قبل ولادتهم من خلال نقل الدم وهم داخل أرحام أمهاتهم، لكن معدل نجاح هذا العلاج منخفض.
التلاسيميا بيتا
يمكن أن تتراوح التلاسيميا بيتا بين معتدلة و شديدة. يُدعى الشكل الأكثر شدة من هذه الحالة باسم التلاسيميا بيتا الكبرى. سيحتاج الناس المصابين بالتلاسيميا بيتا الكبرى لنقل الدم لبقية حياتهم.
يُدعى الشكل الأخف من هذه الحالة باسم التلاسيميا بيتا المتوسطة، ويشار إليه أيضاً بالتلاسيميا غير المعتمدة على نقل الدم. ستختلف أعراض التلاسيميا بيتا المتوسطة من شخص لآخر. سيواجه بعض المصابين أعراض فقر دم خفيف في حين يُضطر بعض المصابين الآخرين لنقل الدم.
ستركز هذه المادة بشكل رئيسي على تلاسيميا بيتا الكبرى لأنها الشكل الحاد والأكثر شيوعاً بالتلاسيميا.
تم إيجاد التلاسيميا ألفا أيضاً، بشكل خاص بين شعوب الشرق الأوسط، جنوب آسيا، جنوب شرق آسيا ودول البحر
الأبيض المتوسط، وكذلك بين الأفارقة.يُصاب الأفارقة بالشكل الأخف من هذه الحالة. بينما تكون الشعوب من أصول جنوب شرق آسيا ودول البحر الأبيض المتوسط في خطر إنتاج التلاسيميا ألفا الكبرى نظراً لامتلاكهم الشكل الأكثر شدّة من التلاسيميا ألفا.
من يُصاب بالتلاسيميا؟
توجد معظم الحالات عند شعوب البحر الأبيض المتوسط، الشرق الأوسط وخاصة من أصول الجنوب آسيوية.
تُفحص المرأة الحامل للكشف عن وجود اضطرابات وراثية أثناء الفحص الدوري ما قبل الولادي. تُشخّص التلاسيميا أيضاً بإجراء اختبار الدم وقد تستدعي الحاجة لإجراء المزيد من الإختبارات لمعرفة أي نوع من أنواع التلاسيميا.
علاج التلاسيميا
إنّ العلاج الوحيد المعروف لمرض التلاسيميا هو عملية زرع نخاع العظام و زرع دم الحبل السري (باستخدام خلايا دموية مأخوذة من طفل لم يولد بعد من أم لديها طفل أكبر مصاب أيضاً).يمكن لهذه الإجراءات أن تسبّب مضاعفات أخرى ليست مناسبة للجميع.
إنّ الحاجة لنقل الدم المتكرر من أكبر المشاكل عند مرضى التلاسيميا بيتا المتوسطة والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى تراكم الحديد بالجسم. يمكن أن يسبّب هذا مشاكل صحية خطيرة.
يجب أن يخضع الأشخاص الذين يتلقون نقل الدم مستمر لعلاج يُدعى العلاج بالممخلبات لإزالة الحديد الزائد من الجسم.
يمكن أن يشكل التعايش مع التلاسيميا بيتا الكبرى تحدياً نظراً للحاجة لإجراء فحوص متكررة لتقييم المخاطر للمضاعفات المحتملة. تشمل مضاعفات التلاسيميا ما يلي:
• تضخم الطحال (فرط نشاط الطحال) – يعاني الطحال من مشاكل إعادة تدوير خلايا الدم الحمراء مما يجعلها تنمو بشكل أكبر
• مضاعفات هرمونية – بما في ذلك تأخر سن البلوغ وقصور بالنمو
• مضاعفات قلبية – مثل عدم انتظام واضطراب ضربات القلب (اضطراب نُظم)
• مضاعفات كبدية – مثل التهاب الكبد (تورم الكبد) أو تضخم الكبد (تليف)
• مضاعفات عظمية مثل آلام العظام والمفاصل و هشاشة العظام (حالة تصبح فيها العظام رقيقة وهشة)
المضاعفات
يعدّ عدد المضاعفات المحتمل أن تحدث عند المصابين بالتلاسيميا أحد أكثرالجوانب تحدياً للتعايش مع وعلاج التلاسيميا بيتا الكبرى.
سيحتاج المصابون بالتلاسيميا بيتا الكبرى (وبعض المصابين بالتلاسيميا بيتا المتوسطة المعتدلة حتى الحادة ) إلى فحوص متكررة بحيث يمكن تقييم خطر المضاعفات المحتملة بانتظام.
فيما يلي بعض المضاعفات الشائعة للتلاسيميا بيتا الكبرى.
تضخم الطحال (فرط نشاط الطحال)
إنّ إعادة تدوير خلايا الدم الحمراء هي واحدة من وظائف الطحال (عضو يوجد خلف المعدة). غالباً ما يكون شكل الخلايا الدموية غير طبيعي عند الأشخاص المصابين بالتلاسيميا بيتا الكبرى، لذلك يعاني الطحال من مشاكل في إعادة تدويرها. وتكون لنتيجة زيادة بكمية الدم الذي يبقى في الطحال، مما يجعله ينمو بشكل أكبر.
يمكن أن يؤدي هذا إلى فرط نشاط الطحال، عندما يبدأ بتدمير خلايا الدم السليمة التي التي تم تلقيها من خلال عمليات نقل الدم، ممّا يجعل نجاح علاج التلاسيميا الكبرى صعباً.العلاج الوحيد في هذه الحالة هو إزالة الطحال عن طريق إجراء يعرف باسم استئصال الطحال.
يلعب الطحال دوراً هاماً في مكافحة الإصابات الخمجية. لذلك إذا تم استئصال الطحال عند طفلك، فمن المرجح أن يُوصى بلقاحات ضد الأمراض الخطيرة المحتملة، مثل التهاب السحايا والانفلونزا .
شجعي طفلك ليتنبه لأية أعراض محتملة جراء الإصابة بالأخماج، مثل آلام في العضلات أو الحمى، وتقديم تقرير عنها في أقرب وقت ممكن. وذلك لأن الخمج يمكن أن يكون له تأثير أكثر خطورة عليهم من معظم الناس.
المضاعفات الهرمونية
إن الغدة التخامية (واحدة من الغدد التي تنظم النظام الهرموني) حسّاسة جداً لتأثيرات الحديد. لذلك قد تتضرر عند بعض الناس المصابين بالتلاسيميا بيتا الكبرى، حتى لو التزموا بالعلاج بالممخلبات.
يمكن أن تؤدي الأضرار التي تلحق بالغدة النخامية إلى عدد من الحالات الهرمونية، بما في ذلك تأخر سن البلوغ وقصور في النمو. قد تستدعي الحاجة علاجاً بالهرمونات البديلة لتصحيح هذه الحالات.
تشمل المضاعفات الأخرى التي يمكن أن تظهر بعد سن البلوغ مرض السكري أو قصورالغدة الدرقية أو فرط نشاط الغدة الدرقية.
يحتاج الأطفال المصابون بالتلاسيميا بيتا الكبرى لفحص أطوالهم وأوزانهم كل ستة أشهر للتأكد من أنها تتطور بشكل طبيعي. سيحتاج المراهقون الذين بدؤوا بالبلوغ إلى تقييم نموهم كل عام.
المضاعفات القلبية
قد يسبّب الحمل الزائد للحديد أذىً قلبية، مما يؤدي إلى:
• عدم انتظام أو اضطراب ضربات القلب (اللانظام القلبي)
• ضعف ضخ القلب (اختلال وظيفي انقباضي)
• تراكم السوائل في أنسجة القلب (الانصباب الجنبي)
• سكتة قلبية
ستحتاج لفحص كل ستة أشهر لتقييم مدى عمل الوظائف القلبية في حال كنت مصاباً بالتلاسيميا بيتا الكبرى. ستحتاج كل عام أيضاً لفحص كامل يقوم به طبيب القلبية (أخصائي القلب) عن طريق اختبار تخطيط القلب الكهربائي لقياس كهربائية القلب.
إذا تم الكشف عن أذى في القلب فإنه يمكن وقف هذه الأذى وربما عكسه باستخدام أكبر للعلاج بالممخلبات. ويمكن أيضاً تحسين الوظيفة القلبية لديك من خلال استخدام الأدوية كمثبّطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين.
المضاعفات الكبدية
يكمن للحديد الزائد أن يسبّب الضرر للكبد أيضاً، مما يؤدي إلى:
• التهاب الكبد (تورم الكبد)
• تضخم الكبد (تليف)
• تشمع الكبد (مرض مستمر حيث يتضرر الكبد بشكل متزايد بسبب التندب)
يمكن للعلاج بالممخلبات أن يحمي الكبد من المزيد من الضرر كما يمكن استخدام الأدوية المضادة للفيروسات للوقاية من حدوث خمج إضافي. يُوصى بإجراء اختبارات الكبد مرة كل ثلاثة أشهر لمراقبة حالة الكبد.
المضاعفات العظمية
إذا لم يتلقَ جسمك ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة، سيحاول تعويض النقص من خلال توسيع نقي العظم، والذي سيؤدي بدوره إلى توسع العظام. يمكن لهذا أن يؤدي إلى تشوهات في الهيكل العظمي، العظام وآلام في المفاصل وهشاشة العظام (وهي حالة تصبح فيها العظام رقيقة وهشة).
يعدّ انخفاض كثافة العظام أمراً شائعاً، حتى عند الأشخاص الذين يخضعون لنقل دم مستمر. ويكون الأشخاص الذين يعانون من انخفاض كثافة العظام في خطر متزايد من تحطيم (كسر) عظامهم.
يتم تشجيع الأشخاص المصابين بالتلاسيميا بيتا الكبرى بتناول وجبات غنية بالكالسيوم والفيتامين (د ) حيث يساعد كلاهما على تقوية العظام. تشمل الأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم ما يلي:
• الفاصولياء
• التوفو
• سمك السردين
• سمك السلمون
• القرنبيط الأخضر
• البرتقال
• الشوفان
• منتجات الألبان مثل الحليب والجبن
تشمل الأطعمة الغنية بالفيتامين (د) ما يلي:
• الحليب
• عصير البرتقال
• البيض
• السمك
• الكبد
ويمكن أن تُنصح أيضاً بتناول متممات من الفيتامين (د) والكالسيوم.
يمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام على تقوية العظام. ينبغي أن يقوم البالغون بممارسة التمارين الهوائية معتدلة الشدة (أي ركوب الدراجات أو المشي السريع) لمدة لا تقل عن 150 دقيقة (ساعتين و 30 دقيقة) كل أسبوع. يوجد نوعان من النشاطات المهمة بشكل خاص لتحسين كثافة العظام والمساعدة في الوقاية من هشاشة العظام وهما تمارين تتحمّل الوزن مثل الركض والتمارين الرياضية الهوائية، وتمارين المقاومة، مثل رفع الأثقال والضغط.
يمكن معالجة هشاشة العظام باستخدام أدوية تُدعى بيسفوسفونات، التي تساعد في الحفاظ على كثافة العظام وتقليل من فرص الإصابة بكسور. لكن لا يُنصح باستخدامه للأطفال والمراهقين حيث يمكن أن يتداخل مع نمو العظام الطبيعي.