حذار مرض قصر النموّ!

حذار مرض قصر النموّ!

قلائلُ هم من يتداولونه بحذرٍ، محاط بهالة من الغموض، مضاعفاته الجانبية خطيرة وقد تتمثل في اختلال الشكل العظمي للانسان وتضخم الأطراف. إنه مرض النقص في هرمون النمو لدى الأطفال الذي نال حيزاً مهماً من اهتمام المعنيين، وهو ما يعرف ببطء في النّمو يختلف باختلاف الجنس والعمر.

مراحل متفاوتة

“هل سيبقى طفلي قصيراً مدى الحياة”، سؤال يحمله الأهالي الى عيادات الأطباء لما للطول من أثر نفسي على الوالدين وعلى الطفل في المدرسة. ولأن النمو الطبيعي هو مؤشر للجسم السليم، يمرّ نمو الطفل بمراحل متفاوتة منذ وجوده في بطن أمه حتى إتمامه مرحلة البلوغ، حيث يخضع إلى عوامل كثيرة مترابطة وراثية ونفسية بما في ذلك الغذاء والهرمونات.

حملت ليلى همّ رواد ابنها منذ عمر الـ8 سنوات، إذ توقف جسمه عن النمو، وبعد مراقبتها الشديدة له، قررت التوجه به الى اختصاصي للتحقق من سلامة نموه من الداخل والخارج على حدّ سواء.

وبعد إجراء فحوص عدة، طمأن الطبيب المختص ليلى بأن نمو ابنها طبيعي، فهو قد ورث ذلك عن عائلة والده. إلا أنه في المقابل، نصح ببعض الأدوية الهرمونية ناهيك عن بعض أنواع الرياضة المناسبة لجسمه. وبعد مرور خمس سنوات، استطاع رواد أن يحصل على مزيد من السنتيمترات إلا أنه ما زال ملقباً بـ”الشاب القصير”.

في المقلب الآخر، عجز فؤاد عن معالجة مشكلة قصر القامة التي يعاني منها منذ الصغر بسبب إهمال والديه لتلك المشكلة عازين السبب الى أنه وراثي. عندما بلغ فؤاد عمر المراهقة ولم يحصل على مزيد من الطول، لجأ الى الاختصاصيين ليصطدم بواقع أنه مصاب بخلل في الهورمونات ويصعب الشفاء منه.

 

التشخيص المبكر

لا تعني كل اشارة عن قصر أو طول الفرد “نقصا في الهرمون”، فراس مثلا بقي قصيراً حتى عمر الـ15، وحاول أهله معالجته، فكان رد الأطباء “نموّه طبيعي”، وفي عمر الـ15 نمت قامة فراس حتى بلغت الطول العادي للرجل. في هذه الحالة يجب التدقيق أن هناك بعض الأشخاص ممن يتأخرون في النمو لأسباب طبيعية. بينما في حالة أخرى، يُعتبر وجود 4 أقزام في عائلة مؤلفة من 8 أفراد “أمراً غير طبيعي”. بالتالي فإنهم مصابون بمرض “النقص في هرمون النمو”.

يساعد التشخيص في مراحل النمو الأولى على معالجة المشكلة ولو بشكل جزئي، من هذا المنطلق، قررت بعض المدارس إجراء كشف على الطلاب حول نموهم لمحاربة أي خلل في مرحلة مبكرة.

في هذا الاطار، تمكنت فاديا وهي مديرة في إحدى المدارس الخاصة، من اكتشاف ضعف في نمو ثلاث طلاب، ما دفعها الى التحدث مع أهاليهم وإلقاء الضوء على تلك المشكلة التي تتحول الى مزمنة في حال إهمالها وعدم معالجتها بشكل سريع.

تحذير

ويرجع اختصاصي طبّ الأطفال وحديثي الولادة لويس جابر القصور في النمو الذي يخلف وراءه قامة أدنى من الانحراف المقبول الى أسباب مرضية أو وراثيّة، أو بيئيّة مختلفة ناهيك عن سوء التّغذية أو نقص في هرمون النمو. وينبه الى مخاطر التدخين والبيئة غير السليمة التي قد تكون سبباً مباشراً للاصابة بمرض نقص في هورمون النمو.

ويحذر المرأة الحامل بضرورة الامتناع عن التدخين والالتزام بالارشادات الغذائية لحماية عملية نمو الطفل داخل الرحم ومن بعد الولادة.  

فدارين التي تخاف على زيادة وزنها خلال فترة الحمل، قررت اتباع حمية غذائية قاسية غير مرفقة بوصفة طبية، تمتنع من خلالها عن الفاكهة والحلويات وتلتزم بوجبتين فقط في اليوم الواحد، ما أثر سلباً على صحة الجنين وبرزت مشكلة نقص في هورمون النمو لدى طفلتها بعد الولادة. ورغم كل الجهود المبذولة من الأطباء إلا أن تلك الطفلة الشقراء لم تتمكن حتى اليوم من حلّ تلك المعضلة التي قد ترافقها طيلة حياتها وينتج منها مشاكل نفسية.

معلومات طبية

ويشير الدكتور جابر الى أن معدّلات النّموّ في طول القامة تختلف حسب عمر الطّفل. ويقول: “على الطفل أن ينمو بمعدل 24 سم تقريباً خلال عامه الأوّل، ليتباطأ بعدها النمة فيبلغ الـ11 سم في السنة الواحدة. وعندما يطفئ الطفل شمعة الثلاث سنوات، يتراوح معدل نموه بين 7 و8 سم في السنة الواحدة.

كما يمتد معدل نوع حتى سنّ البلوغ الى 6 سم في السنة، لتطرأ بعدها التغيرات الهرمونية الناجمة عن عمره فتؤدي الى نمو مفاجئ يختلف حسب الأشخاص فيلامس نموه الـ 9 سم في السنة تقريباً.

في شتى الأحوال، ومهما دخلت القامات في لعبة الأرقام يبقى الأكيد أن الفكر البشري متفلتٌ من كل معادلة رقمية وعصيّ على أن يسجن في جسدٍ. فمنذ متى يعتبر طول القامة أو قصرها  معياراً للحكم على ما هو أسمى من الجسد؟

إغلاق
error: Content is protected !!