البعد النفساني في صنع القرار

البعد النفساني في صنع القرار

صنع و اتخاذ القرار عملية يمارسها الانسان يومياً و في مختلف مجالات الحياة. يواجه الانسان مهام عدة في حياته و البعض منها حرجة و مصيرية تتطلب اتخاذ القرار الذي نسميه مصيري و حاسم. من جهة أخرى يواجه الانسان يوميا مهام عدة في عمله و فعالياته مثل قيادته السيارة التي تتطلب منه اتخاذ قرار سريع في تلك اللحظة. صنع و اتخاذ القرار بحد ذاته ليس سمة من سمات الشخصية و لكن له علاقة بها٬ و لذلك يكون الحديث عن صنع و اتخاذ القرار بانه عادة يكتسبها الانسان عند استيعابه لمهمة ما و رد فعله للمهمة نفسها٬ و على ضوء ذلك يتم تقسيم هذه العادة في اتخاذ القرار الى خمسة أنماط كما هو موضح في المخطط ادناه.

هناك أولا النمط العقلاني الذي يعتمد على تقييم المعلومات و مقارنة عواقب كل قرار ممكن. بعدها هناك النمط الحدسي الذي يتم من خلاله صنع القرار استناداً الى مشاعر الانسان و غرائزه. النمط الاعتمادي يعتمد على نصيحة الاخرين و دفعهم نحو اتخاذ القرار نيابة عنه. بعد ذلك هناك التجنبي الذي يتجنب اتخاذ القرار و اخيراً التلقائي الذي يتسرع باتخاذ القرار مستنداً فقط على مشاعره في تلك اللحظة. كذلك يمكن القول بإن البشر من صنفين عموماً فهناك من يتخذ القرار اعتماداً على الانماط الخمسة أعلاه و هناك من يعاني من التردد في اتخاذ القرار في جميع مجالات الحياة.

هناك علاقة بين سمات الشخصية و اتخاذ القرار. سمة الانفتاح تدفع الانسان احياناً الى نمط حدسي في اتخاذ القرار٬ و كذلك الامر مع الانفتاح على الاخرين. التوافق مع الاخرين اكثر ارتباطاً بنمط اعتمادي في اتخاذ القرار في حين العصابية كثيرة الارتباط بتجنب اتخاذ القرار خشية الشعور بالقلق و الالم النفسي و تحمل المسؤولية٬ و الكثير من العصابيين يعانون من التردد في اتخاذ القرار . اما سمة الضمير الحي فهي تدفع الانسان نحو نمط عقلاني في اتخاذ القرار.

الانسان على مقعد السلطة و اتخاذ القرار

اتخاذ القرار عملية شاقة احيانا بعد ان يتدرج الانسان الى تبوأ مقعد قيادي في الحياة و حينها عليه ان يتحمل مسؤولية عواقب أي قرار يتخذه. ما هو المتوقع من القيادي تحمل مسؤولية اتخاذ القرار٬ و لكن في واقع الحياة و في مختلف الثقافات يتمسك القيادي بدوره الإيجابي في اتخاذ قرار نتائحجه جيدة٬ و ان كانت نتائجه سلبية فحينها يتم اسقاط اللوم على مستشاريه و من حوله حين تكون و يبدأ بتنحية هذا و ذاك بحجة سوء المشورة. يمكن ان تتبع ذلك في تاريخ مختلف الحضارات و ترى المصير المظلم لبعض الوزراء و المستشارين. هذا الأسلوب و الروايات لا تزال موجودة الى الان و ان كانت اكثر وضوحاً في العالم الشرقي و العربي. الحقيقة المرة هو ان الكثير من القيادين في العالم العربي يتميزون بنمط حدسي و تلقائي في اتخاذ القرار٬ و هناك العديد من الأمثلة التي لا تحتاج الى تفاصيل أخرى.

القابلية على اتخاذ القرار

القاعدة العامة ان القابلية على اتخاذ القرار موجودة في كل انسان 1 ٬ و لا يمكن الجزم بانها غائبة بدون تقييم الحالة العقلية. إصابة الانسان بمرض عقلية قد يفقده البصيرة في تقييم مرضه و رفضه العلاج و حين ذاك لا بد من علاجه قسرا لأنه يشكل خطراً على نفسه و على الاخرين و على صحتهً٬ و لكن الإصابة بمرض عقلي لا يعني بالضرورة فقدانه القابلية على اتخاذ القرار في مجالات الحياة الأخرى. في هذا المجال ايضاً هناك الحديث عن الكفاءة العقليةIntellectual Competence و ليس الكفاءة العاطفية 2 Emotional Competence   ٬ و يتم تقييمها بالخطوات التالية:

١ فهم الانسان للمعلومات

٢ قابليته على الاحتفاظ بالمعلومات

٣ قابليته على مقارنة قيمة المعلومات في عملية اتخاذ القرار

٤ قابليته على التعبير عن قراره

لا توجد اية علاقة بين الكفاءة العاطفية و القابلية على اتخاذ القرار. لذلك فان الانسان الذي يعاني من انخفاض كفاءة عاطفية قد يتخذ قرار يستند فقط على مشاعره و عاطفته٬ و لكنه في نهاية الامر يتحمل مسؤولية القرار الذي يتخذه.

 

إغلاق
error: Content is protected !!