الرهائن في الحياة متلازمة ستوكهولم

الرهائن في الحياة متلازمة ستوكهولم

تم اختطاف عاملة  اسمها سيلفيا رومانو في منظمة خيرية لمساعدة المستضعفين في افريقيا قبل عامين . كانت تعمل في قرية في كينيا ايامها و تم توجيه اصبع الاتهام صوب اهل القرية اولاً قبل ان تكشف  منظمة الشباب الارهابية عن دورها و مطالبتها بفدية لاطلاق سراحها. الحكومة الايطالية بدورها معروفة بدفعها الفدية لاطلاق سراح و مواطنيها من الرهائن٫ و دفعت مليون و نصف يورو. تم اطلاق سراح سيلفيا هذا الاسبوع ووصلت الى روما ليستقبلها رئيس الوزراء الايطالي(الصورة ادناه). كان مفاجاة الجمهور بان سيفيا اسمها الان عائشة. تحولت البهجة باطلاق سراحها الى غضب  جماهيري.

الرهائن

هناك أنواع عدة من الرهائن في الحياة، ولا يقتصر هذا المفهوم على خاطف لأنسان بريء يحتجزه رهينة مطالباً بفدية مقابل الافراج عنه. هذا النوع من الرهائن نادراً ما تسمع عنه، ولكن هناك:

١ رجل يحتجز زوجته

٢ ام تحتجز ابنتها

٣ اب يحتجز أبنائه

٤ امرأة تحتجز شريكها

٥ مؤسسة تحتجز موظفيها

٦ وحكومة تحتجز شعبها.

ما يطالب به الخاطف الإرهابي في غاية الوضوح وهو المال مقابل احتمال الافراج عن الرهينة.

ولكن ما يطالبه من يحتجز بقية أنواع الرهائن من ازواج وأبناء أكثر من ذلك. يطالب بفدية جديدة اسبوعياً، ويطالب بوفاء واخلاص لا نهاية له، واستسلام معنوي لا حدود له، وفوق كل ذلك لا نية له بالإفراج عن رهينته. والأشد من ذلك لا تطالب الرهينة الافراج عنها.

نبذة تاريخية

قبل ما يقارب٤٧ عاماً دخل مجرم من رواد السجون يدعى اولسن بنكاً في استكهولم واحتجز مجموعة من موظفات البنك مطالبا بمال وسلامة هروب و افراج زميل له من السجن. كان مسلحاً برشاشة وتوعد بقتل الرهائن إذا لم تنفذ مطالبه. استمرت الحادثة ستة أيام، وتأخرت الحكومة في اتخاذ موقف حاسمٍ ايامها مع انشغال رئيس الوزراء الراحل اولف بالما بالانتخابات ومرض ملك السويد.

تغير موقف الرهائن بعد يومين من الحادث. يبدوا انه حاول مساعدة رهينة اصابتها نوبة هلع، ومن شعرت بالبرد جلب لها لحافاً، وبدلا من ان يتوعد قتل من حاولت الهرب انذرها بانه سيطلق رصاصة تصيب قدمها فقط.

تعجب رئيس الشرطة من حالة الرهائن حين اتفق مع الخاطف الكشف عليهن. وبعد انتهاء العملية بغاز مسيل للدموع لم يتوقف مديح الرهائن عن سمو اخلاق من خطفهن. تضاعف عدد المعجبات بهذا المجرم بعد دخوله السجن، وتزوج معجبة به في 1980 وسافر معها الى تايلند و نشر كتابه متلازمة استكهولم عام 2009 رغم ان هذا المصطلح دخل معجم المتلازمات النفسية بعد أسابيع من الحادثة.

مناقشة عامة

ما حدث مع سيلفيا(عائشة) ليس بغير المألوف مع الرهائن. يتفاعل الانسان عاطفياً مع من يتولى رعايته. رد فعل الرضيع والطفل هو رد فعل بدائي Primitive يتميز بتعلق الرضيع والطفل بمن يرعاه ويوفر له الطعام والنوم والحماية من البرد ويحضنه عند الحاجة. هذا يفسر لماذا يسهل استغلال الأطفال وتعلقهم بأم واب لا يحسنون رعايتهم في الكثير من الأوقات. ترى احياناً تعلق هذا الانسان بمن اساء اليه لا يتغير حتى بعد البلوغ وبسبب ذلك يدمره هذا النفور بين تعلقه البدائي به وتمييزه الناضج بعد البلوغ بان من تعلق به كان شريراً.

ما حدث بين الرهائن والخاطف في استكهولم نقل فجأة الانسان الى مرحلة لا يفكر وقتها الا البقاء على قيد الحياة. يتقهقر الانسان ويتراجع تفكيره واستيعابه للحدث وكل خطوة من الخاطف يقدم فيها الماء او يعطف على الرهينة تصبح مكرمة منه. من جراء ذلك تتعلق الرهينة بخاطفها تماما كما تعلق الطفل بأمه التي تضربه وتعنف به بين الحين والاخر ولكنها احياناً ترضعه وتضمه بالأحضان.

اما في واقع الحياة فان الرهينة في الحياة الزوجية والعائلية والمهنية فهي أكثر شيوعاً وتفسر لك أحيانا لماذا لا تقوى الزوجة (او الزوج) من فراق من لا يحسن معاملتها ويعنف بها بين الحين والاخر. كذلك تفسر لك هذه الظاهرة كيف يمدح ويطنب الكثير على من يستغلهم ويقيد حقوقهم وحريتهم ولكنهم مع ذلك لا يتوقفون عن المديح به بسبب مكرمة يقدمها إليهم بين الحين والاخر والتي لا قيمة لها حقاً.

تتمعن في الحياة وستتكشف بان عدد الرهائن في المجتمع أكثر الاف المرات من عدد الرهائن مع حوادث الجريمة.

إغلاق
error: Content is protected !!