دييغو و مارادونا وجهان لكرة الحياة

دييغو و مارادونا وجهان لكرة الحياة

دييغو و مارادونا

“لقد تعلمت أنه هناك دييغو وهناك مارادونا”

فرناندو سينيوريني

بهذهِ العبارة لفرناندو سينيوريني (مدرب خاص لمارادونا آنذاك) نبدأ مشوار الألف ميل والألف ضحكة ودمعة مع أسطورة المستديرة دييغو مارادونا.
ربما من يرى قصة هذا الساحر من بعيد يظن أنها مراحل النجاح الاعتيادية ومن ثم السقوط ، قد يبدو ذلكَ منطقياً للذين يكتفون بالقشور ولكن محبي التفاصيل لديهم بعد آخر.

 

دييغو مارادونا – نشأته وبداياته

دييغو “كانَ طفلاً قلقاً.. ولد رائع “نبت في ستينيات القرن المنصرم من تشققات (فيلا فيوريتوو) وهي حي فقيرة بمقاطعة بوينس آيرس الأرجنتين.

بيت دافیء يحتضن عائلتهُ متوسطة التعداد كان هدف دييغو الصغير الذي فتح الباب على مصرعية لولادة “مارادونا”.

تلكَ المغامرة المثيرة التي شدت رحالها في سن العاشرة من نادي إستريلا روجا وتدرج بعدها في عدة أندية أرجنتينية ، حتى حلول عام العبور الخارجي (1982) مع النادي الكتلوني برشلونة الأسباني الذي لم يستمر معه طويلاً لأنه كان مخالف لأهوائه.

المرحلة الانتقالية

اتخذ دييغو مارادونا بعدها قراراً أقل ما يوصف به بالمتهور آنذاك بالانتقال إلى نادي الجنوب الإيطالي (نابولي).

ومن هنا نحت الفنان لنفسه تمثالاً من ذهب ونار. ف مارادونا “كانت الشخصية التي عليها أن تظهر حتى تواجه متطلبات عالم كرة القدم والإعلام”.

والذي ضجت الصحف لأجله بأخبار المدينة الأفقر في إيطاليا وربما في أوروبا، والتي اشترت اللاعب الأغلى في العالم آنذاك، ربما لم يكن أحد يتخيل مدى الإصرار والذكاء الكروي النادر الذي تمتع بهِ مارادونا ودفعه لتغيير قدر نادي بأكمله، وتثبت أسمه بين عملاقة الكرة الإيطالية التي كانت في أوجها.

“أهلاً بمرضى الكوليرا” “اغتسلوا” هذهِ الشعارات التي كان يرفعها جماهير الشمال في وجه نادي الجنوب المتواضع  نابولي.

السخط والغضب والقتال ضد التمييز، كانت تلكَ وقوداً لمارادونا

خاض مارادونا رحلة إنسانية بالمقام الأول مع نابولي في ظل العنصرية الخانقة التي كانوا يتعرضون لها في كل يوم أحد شمالي.

“أنتم لا تعلمون ما فاتكم” هذه العبارة كتبت على مقابر مدينة نابولي عندما بدأ الساحر بجلب البطولات واحدة تلو الأخرى لهم، وهنا بدأت حبكة هذهِ الرواية بنسج خطوها بقلب دييغو الصغير، كان يرغب بالرحيل ولكنه أجبر على البقاء.

نزواته

ظلال الليل سحبت مارادونا شيئاً فشيء، من مخدرات وإدمان الكحول وعلاقات المتعددة وصلاتهِ مع بعض أفراد عائلات المافيا، كانوا يستنزفون روح دييغو ليستمر بريق مارادونا بالسطوع.

لا أعرف لماذا تذكرت (العملاق الأحمر) وهو أحد مراحل حياة النجم السماوي يصل فيها لأكبر قدر من الحجم والسطوع ، وليستعد بعدها بدخول لمرحلة الموت والتلاشي.

يد الله أم يد مارادونا

“إن يد الله هي التي أحرزت هذا الهدف” هذهِ العبارة تعيدنا لأكثر المبارات سحر وإثارة في تاريخ المستديرة، ربع نهائي كأس العالم 1986 بين إنجلترا والأرجنتين عندما قدم الساحر هدفين للتاريخ.

حيث قال بعد تسجيل هدف اليد الأشهر “أنه شعور رائع، يشبه انتقام رمزي من الإنجليز”، لأن تلك المباراة كانت مشبعة بذكريات “حرب الفوكلاند 1982″ عندما فازت إنجلترا فيها على حساب الأرجنتينين.

هنا على أرضية ملعب سان باولو، نابوليدور النصف نهائي لكأس العالم بين إيطاليا والأرجنتين في 3 من يوليو 1990م، تثبت لنا الحياة مدى قذارة بعض البشر ومدى نكران بعضهم للجميل.

القذارة تكمن في اختيار الملعب ، مثل هذه الأمور لا تحدث صدفة ، ونكران الجميل من قبل غالبية جماهير نابولي ، الذي منحهم الحياة وقابلوه بالموت ، عاقبوه على أنتمائه لوطنه.

وليكتمل النصاب بطريقةً شرعية بدأوا يخرجون قضاياه الشائكة من تحت الطاولة نفسها التي وضعوها له.
وفي نهاية المطاف أنا مع مقولة “كرة القدم بكت عندما إدمن مارادونا غيرها”

إغلاق
error: Content is protected !!