بلينا وما تبلى النجومُ الطَّوالِعُ |
وتَبْقَى الجِبالُ بَعْدَنَا والمَصانِعُ |
وقد كنتُ في أكنافِ جارِ مضنّة ٍ |
ففارقَني جارٌ بأرْبَدَ نافِعُ |
فَلا جَزِعٌ إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا |
وكُلُّ فَتى ً يَوْمَاً بهِ الدَّهْرُ فاجِعُ |
فَلا أنَا يأتيني طَريفٌ بِفَرْحَة ٍ |
وَلا أنا مِمّا أحدَثَ الدَّهرُ جازِعُ |
ومَا النّاسُ إلاّ كالدّيارِ وأهْلها |
بِها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ |
ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ |
يحورُ رَماداً بَعْدَ إذْ هُوَ ساطِعُ |
ومَا البِرُّ إلاَّ مُضْمَراتٌ منَ التُّقَى |
وَما المَالُ إلاَّ مُعْمَراتٌ وَدائِعُ |
ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَديعَة ٌ |
وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ |
وَيَمْضُون أرْسَالاً ونَخْلُفُ بَعدهم |
كما ضَمَّ أُخرَى التّالياتِ المُشايِعُ |
ومَا الناسُ إلاَّ عاملانِ: فَعامِلٌ |
يتبِّرُ ما يبني، وآخرُ رافِعُ |
فَمِنْهُمْ سَعيدٌ آخِذٌ لنَصِيبِهِ |
وَمِنْهُمْ شَقيٌّ بالمَعيشَة ِ قانِعُ |
أَليْسَ ورائي، إنْ تراخَتْ مَنيّتي، |
لُزُومُ العَصَا تُحْنَى علَيها الأصابعُ |
أخبّرُ أخبارَ القرونِ التي مضتْ |
أدبٌ كأنّي كُلّما قمتُ راكعُ |
فأصبحتُ مثلَ السيفِ غيرَ جفنهُ |
تَقَادُمُ عَهْدِ القَينِ والنَّصْلُ قاطعُ |
فَلا تبعدنْ إنَّ المَنيَة َ موعدٌ |
عَلَيْكَ فَدَانٍ للطُّلُوعِ وطالِعُ |
أعاذلَ ما يُدريكِ، إلاَّ تظنيّاً، |
إذا ارتحلَ الفتيانُ منْ هوَ راجعُ |
تُبَكِّي على إثرِ الشّبابِ الذي مَضَى |
ألا إنَّ أخدانَ الشّبابِ الرّعارِعُ |
أتجزَعُ مِمّا أحدَثَ الدّهرُ بالفَتى |
وأيُّ كَريمٍ لمْ تُصِبْهُ القَوَارِعُ |
لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى |
وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ |
سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبتموني متى الفتى |
يذوقُ المنايا أوْ متى الغيثُ واقِعُ |